×

زيف العلاقة الشخصية بالمسيح!!

زيف العلاقة الشخصية بالمسيح!!

وكما ذكرنا سابقاً … أن مصطلح “العلاقة الشخصية بالمسيح” عنواناً للأصلاح اللوثري, ومن بعده الأصلاح البروتستانتي المعترض في كل مكان وزمان, فهو مصطلح سياسي محض, لا دخل له بخلاص المعمودية وأسرار الكنيسة!

مصطلح سياسي برجماتي أي أناني! لذا فالترجمة الحقيقة لهذا المصطلح هى “العلاقة الأنانية بالمسيح”!!

وقد تسبب أنتشار أستخدام هذا المصطلح -بصورة مرعبة- في تضائل تأثير الخدمة على المخدومين, فأصيبت الكرازة بالعقم والشلل التام, فأفضل إجابة مهذبة يمكن أن تسمعها أثناء أفتقاد البعدين عن الكنيسة هى: “ما فيش مشكلة عندي, علاقتي الشخصية بالمسيح كويسة, بأصلى بأستمرار, أما حضور الكنيسة سيكون بأذن الله عندما أفرغ من العمل!!”

258741 زيف العلاقة الشخصية بالمسيح!!

“العلاقة الشخصية بالمسيح” مصطلح خادع, في ظاهره روحي, لكنه يخفي في طياته .. عنوان أخر فلسفي برجماتي أناني لأبعد حد, مصطلح مدمر لكل صلاح, وكارثة حقيقة للحياة المقدسة النقية, ليشير بمكر ودهاء إلى مطلب ضخم, يتردد على كل ألسنة البشر, يسمى “الحرية الشخصية” ليكون مطلب السياسيّن والنفسانيّن الذين لا روح لهم, فهو بالحق أمل ورغبة الجميع بلا أستثناء!!

ولكي نفهم حقيقة الأمر فهماً تاريخياً واقعياً, وجب علينا تتبع نتائج الكارثة اللوثرية عبر خمسمائة عام كاملة من الأصلاح البروتستانتي, لنتتبع بعض من النتائج الكارثية المعاشة اليوم من حروب وإنحلال خلقي لم تشهد مثله الكنيسة في يوم ما, فمن الطبيعي أن يكون هذا الخراب هو فكر العالم, ولكن أن يصبح الفساد بالنجاسة والقتل بالحروب تحت مسميات أخرى من نهج الكنيسة, فهذا بالحق كارثة الكوارث!!

لذا علينا أن نبدأ بداية صحيحة, لنبدأ من حياة “لوثر” نفسه مؤسس الكارثة! لنقع على حقيقة أفكار “لوثر” السياسية, لنعرف ماذا فعلت بنا مصطلحات السياسة الغاشة؟! حينما دخلت خلسة لعالم الروح والحق!!

41142353_403 زيف العلاقة الشخصية بالمسيح!!

ولد “مارتن هانس لوثر” عام 1483م, والده من الفلاحين, ولم يكن يحرث ويزرع الأرض, بل كان مستأجراً لعدداً من مناجم النحاس, وقد أستأجر والده منجماً للنحاس في ساكسونيا في شرق ألمانيا، فأرسل الأب “هانس” أبنه “مارتن” إلى جامعة “إيرفورت” ليصبح محامياً، فحصل “لوثر” من تلك الجامعة على الماجستير عام 1505م.

وفي وقت لاحق من العام نفسه، هبت عاصفة رعديّة شديدة أثناء ذهاب “مارتن” إلى الجامعة, ونزلت الصاعقة بالقرب منه، فأقتنع بأنه سيموت، فصرخ قائلاً: [يا قديسة “آن” أنقذيني، وسأصبح راهباً!]، والقديسة “آن” هي شفيعة عمال المناجم بحسب الأعتقاد الكاثوليكي.

وكانت هذه العاصفة التي حولت مسار حياة “مارتن لوثر” من محامي إلى راهب بالصدفة!! بداية لعواصف أكثر شدة فتكت بحياة أوروبا الروحية كلها، وأعادت صياغة العلاقات السياسية الدولية مستترة بأدوات روحية خادعة، لتحقق منافع الأمراء وملوك هذا الزمان, وكل زمان!!

ima2558ges-1 زيف العلاقة الشخصية بالمسيح!!

دخل “لوثر” دير الرهبنة الأوغسطينية بعد هذه الحادثة، وقد عبّر والده عن سخطه من تصرف أبنه، بسبب ما أعتبره مضيعةً لتعليم “لوثر” كمحامي.
وهكذا بدأ “لوثر” دراسة اللاهوت، وحصل على درجة الدكتوراه عام 1512م. وهذا يفسر تماماً ما حدث لأفكار المحامي “مارتن لوثر” الدارس للاهوت, حيث قام بخلط القانون وشرائعه مع اللاهوت الروحي مزجاً جميلاً هادئاً!! وهذا الخلط الغير متجانس أنتج ثورة الأصلاح اللوثرية وتوابعها السياسية المعترضة دائماً, التى لم … ولن تهدأ حتى تأتي على البقية الباقية من الحياة المقدسة في المسيح يسوع في كافة أرجاء المسكونة!

وهذا الخليط هو ما شكل عقيدة الإصلاح البروتستانتي الذى أعتمد على الساسة كضامن للنصر والبقاء, لذا لم يستطع الإصلاح التحرر من تقاليد السياسة, ولا من حرصه الشديد على تحقيق مصالح الأمراء والملوك في كل عصور تطوره.

carry-your-cross-with-joy2254 زيف العلاقة الشخصية بالمسيح!!

وبالرغم من خلو البروتستانتية من القديسين والشهداء, إلا إن أرتباطها بالسياسة والساسة ضمن بقائها, لأن من المفروض إن الكنائس التى بلا قديسين تضعف وتزول, ولكن البروتستانتية قد حُفظت وبقيت فعالة بقوة الساسة والأمراء والملوك, مع إنها عقيمة لا تلد. وهذا هو سبب بقائها حتى يومنا هذا, لتبادل المنافع الزمنية بين أعضاء الأصلاح وبين ممالك العالم!!

ولأن السياسة لا تعرف سوى المصالح وتبادلها, فكان هناك منفعة مرتدة لصالح الرؤساء أيضاً، من الأصلاح اللوثري إلى ملوك السلطة والجاه, فهي التي تعين وتساعد الحاكم على البقاء بلا قلاقل, فالبروتستانتية هي المحقق الأمين لكل مصالح ورغبات الملك, دون أن يبذل الملك أي عناء لتحقيق ما يصبو إليه، لأنها تملك قلوب الشعب, لتلعب بها كما يحلو للحكام!!

ولنلاحظ هنا حقيقة هامة جداً إن  مصطلح “العلاقة الشخصية بالمسيح” يهدم سلطة أسرار الكنيسة الروحية, ليمحوها تماماً, ويجعل من المؤمنين أحراراً بحرية شخصية لا حدود لها, فإن حرركم الأبن بحرية شخصية فبالحق تكونوا أحراراً؟!! وهكذا تم نزع سلطة الكنيسة الروحية بأسرارها الخلاصية, ليحل محلها سلطة الملوك والرؤساء بفكر العالم الشرير, وهكذا دخل الخراب الروحي والفساد الخلقي للجميع!!

325px-Hans_Burgkmair_d._A._005 زيف العلاقة الشخصية بالمسيح!!

وأختصاراً حتى لا تطول على القارىء الأحداث …. ألتصق “لوثر” بأمير مقاطعة ساكسونيا “فريدريك الثالث” (1486-1525), الذي كان يعارض صكوك الغفران أيضاً مثل “مارتن لوثر”.

وليس هذا الرفض المشترك بينهما كان بسبب مضادة صكوك الغفران للأنجيل وعدم ملائمتها للمنهج الروحي السليم, ولكن بسبب أن تلك الأموال التى تجمع من الشعب الألماني تذهب لإثراء إيطاليا (الكرسي البابوي الكاثوليكي بروما) على حساب منفعة أمراء وملوك ألمانيا، خاصة أن أتباع “مارتن لوثر” صاحب الأعتراض الجديد, سيرسلون هم أيضاً الكثير من الأموال في النهاية إلى روما للحصول على هذه الصكوك.

وكان الحل المشترك المقترح والمقبول لديهما … هو منع رهبان الدومينيكان الكاثوليك جامعى الأموال من دخول ساكسونيا ألمانيا، إنه أسلوب سياسة العالم … سياسة المنع هذه مضادة تماماً لمبادىء الإصلاح نفسه, الذي قام لتحقيق الحرية والديمقراطية!! وهكذا كان “لوثر” هو الراهب الوحيد الذي يتمتع بحرية التنقل في الإصلاح الجديد!!

(يتبع)

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed