كيف تُخرِجَ الفلسفة طبيعتنا عن حدود خلقتها؟
هذه رؤية نحتاجها كإضافة فى الأتجاه المعاكس, لدقائق موضوع هام يختص بشروحاتنا اللاهوتية التى تأثرت بل وقعت تحت الأسر الكامل من المنطق الفلسفى, لعل يصل ميزان حياتنا إلى نقطة الإتزان المطلوبة, لتلحق أجسادنا الثقيلة بركب إستعلانات السماء.
ولقد تحيرتُ بالفعل من أين يجب أن تكون البداية, لأن موضوع الحديث عن الحب المطلق الذى لله تجاه البشر, له أطراف كثيرة فى كل دقائق حياتنا, وإن طرحه ببساطة معهودة مدمرة, سيؤدى بنا إلى إدراك مختصر, لنقوم بعملية تجريد لاهوتي لحقيقة لا يمكن إختصارها, والذى سيخل بوعينا لأصول نشأتنا الإنسانية, وهذا ينعكس بطريق مباشر فى بناء أسرنا وتربية أولادنا, وهذا يشكل العائق الأول والأساسى, كعدو متيقظ لإستمرارية البشارة, ليتوقف إجتماع كنيستنا مخدراً بكلمات فلسفية منطقية عذبة, بدون حياة حقيقية واقعية تشرق فى أعمالنا وبيوتنا ولكل ما تمتد إليه أيدينا.
لذا وجب علينا إرجاع الحديث لأصوله العلمية والروحية, ليكون بنائنا لأفكارنا اللاهوتية, بناءً واقعياً يمس حياتنا, وليس مجرد إستحسان لمنطق التجريد اللاهوتى, وإستعذاب لأفكار فلسفية, لنتبنى تأويل خاطئ لإرادة الله, الذى وضع كل ما أراده وأستحسنه فى الطبيعة الإنسانية التى خلقها.
إذاً فالحل …..
هو دراسة الطبيعة الإنسانية, وما علينا سوى تفعيل الإدراك الحسن لحقائق وجودنا, فكل ما يلائم هذه الطبيعة هو من إرادة الله ورغبته وحكمته فى الخليقة, وعلينا ان لا نحزن إن تعارضت مقومات طبيعتنا مع منطقنا اللاهوتى الحالى, فهذا إنما يكشف مدى الاسترسال الخاطئ, والشطط الفلسفى الحاد الذى ضرب علم اللاهوت فى مقتل, قصدنا كل علوم اللاهوت فى كافة ارجاء المسكونة, فوجود الكثير من المضادات والمعوقات لنمونا الطبيعى فى المسيح, فى ثنايا تعليمنا اللاهوتى, إنما يكشف عن مدى القيود التى وضعتها الفلسفة, لتكبل إنطلاق لاهوتنا لبناء الانسان كما أراد الله له, فقد خلقه بكينونة عاطفية خاصة, ليأتى المنطق الفلسفى لعقولنا متأخراً جداً, ليظهر العقل العاطفى بحقيقته كقائد مهيمن لحياتنا.
لذا فأنه من الضرورى ان ندرك مقومات طبيعة عقولنا جيداً, فنحترمها فنشفى فنثمر ثلاثين وستين ومائة, وهنا يلزمنا أن نؤكد ضرورة أن نبتعد ونحترس من مفهوم الإنسان كما تُعَرِفَهُ الفلسفة, لأنه يكشف مدى قصور الفلسفة عن فهم الإنسان, وبالفلسفة اللاهوتية صارت طبيعة الانسان متغربة عن أصولها فى علومنا للتربية الكنسية, غريبة عن طاقات نموها التى وضعها الله بها, والتى ترتبط أرتباطاً مباشراً بقانون الزمان والمكان. فالنمو الروحى الزمنى المتواتر هو من أساسيات حياتنا فى المسيح يسوع. وإنه لا يمكن أبداً التخلى عن تدرج زمنية نمونا الروحى, فيسوع المسيح وهو فى الجسد قد مر فى مراحل إعلانية زمنية متعددة, حتى صعوده إلى السموات وإتمامه لخلاصنا, فإن كان هذا هو حال الرب ….. فهل العبد الزمنى أفضل من سيده خالق الزمن؟!
Share this content:
2 تعليقان