قصص عجيبة لشجرة عيد الميلاد
قصص عجيبة لشجرة عيد الميلاد
هناك الكثير من القصص والروايات المختلفة حول شجرة عيد الميلاد, ولماذا تزين بهذا الشكل المبهج, وعادة تكون الشجرة من المواد البلاستيكية, إلا إنها كانت في الأصل من أشجار أروكاريا ARAUCARIA الخاصة بالميلاد, ثم تُزين بالكثير من الأضواء والكرات المختلفة الأحجام، والتي تتنوع ألوانها بين الذهبي والفضي والأحمر والأخضر والازرق، وكما توضع الشجرة علي سجادة حمراء اللون, فهو اللون الغالب على زينة عيد الميلاد, كما توضع في أعلا الشجرة نجمة تشير إلى نجمة بيت لحم التي أرشدت المجوس في الطريق، وتُزين الشجرة أيضاً بالسلاسل الملونة وبمجسمات الملائكة وبالأجراس وبالكثير من مكملات الزينة المختلفة, كما يوضع تحت الشجرة أو بقربها مغارة الميلاد مع مجموعة صناديق مغلفة بشكل مُزين تحتوي على الهدايا التي يتم فتحها وتبادلها عشية العيد.
وتُنَصب بهذه الحالة المبهجة شجرة عيد الميلاد قبل عيد الكريسماس بأربعة أسابيع على الأقل, وعلي وجه الدقة بأربعة آحاد (جمع يوم الأحد).
وغير معروف للغربيين انفسهم .. لماذا أربعة أسابيع قبل عيد الميلاد على وجه التحديد؟! إلا أن الأمر واضح لدينا نحن الشرقيين, لأنه بالرغم من أن العصر الكنسي الحديث الغربي قد ألغى فترة صوم الميلاد إلا أنه قد أحتفظ بتوقيته, ليحول وقت صوم الميلاد إلى مظاهر الأحتفال والبهجة, ليتغلب بهذا على مشاعر قدماء الغربيين المرتبطة بقوة الصيام وحلاوته في نفوس تابعيه أستعداداً لأستقبال عريس نفوسهم! وهكذا تبقي هذه الأحتفالات قائمة حتي عيد الغطاس بحسب التقويم الغربي, والذي يأتي بعد عيد الميلاد مباشرة بثلاثة عشر يوماً فقط.
كل هذا الأهتمام يجعلنا شغوفين حقاً بأصول هذه العادة وخاصةً أننا لا نجد لها أصلاً في الكتاب المقدس ولا عند أحد من الآباء الأولين, وعلى هذا يلزمنا دقة البحث .. التوجه إلى كتب الموسوعات الخاصة بهذا الشأن لنجد الكثير من الأقوال والحكايات نختار منها:
+ في ألمانيا سَكَنت بعض من القبائل الوثنية في العصور الوسطى, والتي كانت تزين الأشجار الصنوبرية الدائمة الخضرة, حيث كانت العادة لدى هؤلاء القبائل الوثنية التي تعبد الإله (ثور) إله الغابات والرعد, أن تزين الأشجار الصنوبرية ليقدم على إحداها ضحية بشرية!
وفي عام 722 أو 727م في عهد رئاسة البابا القديس بونيفاس (634 – 709م), والذي قد أرسل بعثة تبشيرية لألمانيا إلى هذه القبائل الوثنية لتبشيرهم بالمسيحية, وحدث أن شاهدهم وهم يقيمون حفلهم تحت إحدى تلك أشجار البلوط المزينة، وقد ربطوا أبن أحد الأمراء وهموا لذبحه ليقدموه كضحية لإلههم (ثور) فهاجمهم البابا القديس وخلص أبن الأمير من أيديهم ووقف فيهم خطيباً مبيناً لهم أن الإله الحي هو إله السلام والرفق والمحبة الذي جاء ليخلص لا ليهلك.
وقام بقطع تلك الشجرة ثم نقلوها إلى أحد المنازل وزينوها، وكأن البابا القديس يقول لهم: “أستخدموا أخشاب هذه الشجرة البسيطة لبناء بيوتكم.. لتجعلوا المسيح هو حجر الزاوية في منازلكم.. فهو يهِب حياتكم الأخضرار الدائم الذي لا يذبل، لتجعلوا المسيح هو النور الدائم لكم وللأخرين, وهكذا هذه الشجرة العظيمة التي تمتد بأغصانها إلى كل مكان وأتجاة لتعانِق كافة الناس بالرغم من أختلافهم وأختلافاتهم، وأعلى الشجرة نجمة أرشادنا إلى الملك السمائي.. فليكن المسيح هو راحتكم ونوركم, آمين”.
وهكذا صارت شجرة عيد الميلاد فيما بعد عادة هامة ورمزاً لاحتفالهم بعيد ميلاد المسيح، مواكباً لاعتناق سكان المنطقة الوثنيين للمسيحية، ولم تفتر عادة وضع الشجرة المزينة في عيد الميلاد، بل وقد حُولَتَ رموزها إلى رموز مسيحية، وألغيت منها بعض العادات والرموز الدموية كوضع فأس أو بلطة وسكاكين!! وأضيف إليها وضع النجمة رمزاً إلى نجمة بيت لحم التي أرشدت المجوس الثلاثة, مع الكثير من الزينة والأضواء, واللون الأحمر الدموي إلى الإشارة للدم الطاهر الذي خلصنا, إمعاناً في التأكيد على تغيير التاريخ الدموي الذي كان للشجرة إلى حقيقة الخلاص والسلام والمحبة التي من القلب للجميع.
+ وهناك عدة تحليلات أخرى لنشأة شجرة الميلاد. وأول شجرةٍ ذكرت في وثيقةٍ محفوظة إلى اليوم، كانت في ستراسبورغ, وكان هذا هو وضع لها بشكل رسمي في القرن السادس عشر في ألمانيا في كاتدرائية ستراسبورغ عام 1539 م.
+ وانتقلت هذه العادة بعد ذلك من ألمانيا إلى فرنسا حين أعتبرت الشجرة تذكيراً بـ”شجرة الحياة” الوارد ذكرها في سفر التكوين، ورمزاً للحياة والنور (ومن هنا عادة وضع الإنارة عليها). وقد تمّ تزيين أول تلك الأشجار بالتفاح الأحمر والورود وأشرطة من القماش الملون الغالب عليه اللون الأحمر.
+ وكما وصلت هذه العادة الى إنجلترا أيضاً في القرن الخامس عشر أو السادس عشر, إلا إن أستخدام الشجرة المزينة قد أرتبط بالكثير من الطقوس الخاصّة المرتبطة بالخصوبة والعرىّ، بحسب ما وصفه أحد الرحّالة العرب. وهذا ما جعل بالسلطات الكنسيّة في هذا الوقت تشجيع العامة إلى عدم استخدامها!!
+ ولكن هذا التقليد الخاص بتزيين شجرة عيد الميلاد ما لبث أن انتشر بأشكالٍ مختلفة ومفاهيم مختلفة أيضاً في أوروبا أبتدأً من القرن الخامس عشر والسادس عشر ومن ثم إلى امريكا، ثم أخيرا لمنطقتنا الأفريقية والآسيوية أيضاً…. وتفنن الناس في استخدام الزينة بأشكالها المتعددة لتأكيد المعنى المبهج لميلاد السيد.
+ ويقال ايضا ان تزين الشجرة جاء من تقاليد وأعياد الأمبراطورية الرومانية فقد أستخدم الرومان شجرة شرابة الراعي كجزء من زينة عيد ميلاد الشمس التي لا تقهر. ومع تحديد عيد ميلاد الرب يوم 25 كانون الأول أصبحت جزءاً من زينة الميلاد، اذ قد (تمسحنت) الشجرة المزينة واعطيَ لها معان جديدة وجميلة، وبهذا فقد تمّ اعتبار أوراقها ذات الشوك رمزاً لإكليل المسيح، وثمرها الأحمر رمزاً لدمه المهراق من أجلنا حتى أن تقليداً تطوّر حول هذه الشجرة انطلاقاً من حدث هروب العائلة المقدّسة إلى مصر. فقد تم تناقل روايةٍ مفادها أن جنود هيرودوس كادوا أن يقبضون على العائلة المقدّسة، غير أن إحدى شجرات الراعي مدّدت أغصانها وأخفت العائلة. فكافأها الربّ بجعلها دائمة الخضار، وبالتالي رمزاً للخلود, وبالطبع ليست هذه قصّة حقيقية! وإنما أتت كجزءٍ من محاولات إضفاء الطابع المسيحي على عيدٍ كان بالأساس وثنيّاً.
+ ونخلص إلى أن عادة تزين الشجرة الوثنية القديمة السابقة للمسيحية، قد أرتبطت بالعبادات الوثنية في إكرام وعبادة الشجرة وتقديم الأضحية البشرية في عبادة آلهة الغابات، كما رأينا في العرض السابق, وكانت منتشرة على وجه الخصوص في ألمانيا؛ ولذلك لم تحبذ الكنيسة في القرون الوسطى الباكرة عادة تزيين الشجرة، إلا إنها لم تلغ عادة وضع الشجرة في عيد الميلاد، بل حولت رموزها إلى رموز مسيحية، وأعتبرت الشجرة رمزاً لشجرة الحياة المذكورة في سفر التكوين من ناحية ورمزاً للنور – ولذلك تمت إضاءتها بالشموع – وبالتالي رمزًا للمسيح وأحد ألقابه في العهد الجديد “نور العالم”.
+ وهناك تقاليد لاحقة نسبت إضاءة الشجرة إلى مارتن لوثر في القرن السادس عشر، غير أنه وبجميع الأحوال لم تصبح الشجرة حدثاً شائعاً في المملكة المتحدة (بريطانيا العظمى) إلا مع إدخال الملكة شارلوت زوجة الملك جورج الثالث (1738 – 1820) تزيين الشجرة إلى إنجلترا, ومنها انتشرت إلى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وتحولت معها إلى صبغة مميزة لعيد الميلاد منتشرة في جميع أنحاء العالم.
+ وكما أوضحنا أعلاه، فقصة ميلاد المسيح الفعلية ليس بها ذِكر لأي شجر. إلا أنه كما ذكر أحد الأخوة الخدام الأفاضل … حيث رأى صلة قائمة بين ميلاد السيد المسيح والمعاني التي تقدمها وتجسدها شجرة الميلاد بمصابيحها المتلألئة (أو قديماً بشموعها المتوهجة) وبين العليقة التي رآها موسى النبي في البرية وهي مشتعلة ناراً ولا تحترق. والعليقة (خر3) كانت ترمز للعذراء مريم التي حملت في بطنها الأقنوم الثاني بناسوته المتحد بلاهوته الناري ولم تحترق. لذلك فالعُلِّيقة حملت سر التجسد الإلهي. ولاحظ أن الله ظهر وسط شجرة ضعيفة وليست شجرة أرز فالله يسكن عند المتواضعين (اش15:57), آمين.
——————–
مراجع:
ــ شجرة الميلاد، إرسالية مارنرساي الكاثوليكية، 27 ديسمبر 2011.
ــ لماذا يهتم المحتفلون بوضع شجرة لعيد الميلاد وتزيينها؟، التيار الوطني الحر، 27 ديسمبر 2011.
ــ عيد الميلاد في التاريخ، جمعية التعليم المسيحي في حلب، 27 ديسمبر 2011.
Share this content:
إرسال التعليق