الإيمان العامل بالمحبة – الأب متى المسكين
«الإيمان العامل بالمحبة» الأب متى المسكين
الأصحاح الخامس من رسالة بولس الرسول لاهل غلاطية.
«العامل»: هنا كلمة العامل في اللغة اليونانية بحسب تحليل العالِم بروس لا تفيد مجرَّد العمل بل التنشيط energised فتعني الإيمان المقوّى الغني بالمحبة. لأن في تعريف ق. بولس للإيمان فإنه يضعه دائماً كالأساس أو كالجذر، أمَّا المحبة فهي الثمرة: ويمكن ترجمتها أيضاً الإيمان الفعَّال بالمحبة.
والقديس بولس في وضعه المحبة كشرط للإيمان إنما هي محاولة مستميتة ليرفع عن الإيمان المفهوم المجرَّد كمجرَّد فكر أو مقولة، فيجعله انفعالاً وحركة وبذلاً وخروجاً عن الذات، إيماناً يُرِي ذاته بالمحبة في مقابل إيمان ق. يعقوب الذي يُرِي ذاته بالعمل حيث قد يكون العمل هذا مجرَّد اجتهاد ذاتي وصوم وصلاة وعبادة. فالإيمان عند ق. بولس ليس مجرَّد عملٍ بل حب بإعطاء الذات. فهو يكمِّل مقولة ق. يعقوب: “أُريك إيماني بأعمالي” بقوله: “أريك إيماني بأعمالي العاملة بالمحبة” فالأعمال المعمولة أو القائمة على الإيمان عند ق. بولس يتحتَّم أن تكون معمولة بالمحبة.
وطبعاً هنا ق. بولس يعتصر من رحيق الصليب شراباً يسقي به أهل غلاطية، فأعمال المسيح، وكلها متركزة في الصليب ونابعة منه، عنصرها الأساسي والفعَّال هو المحبة. فهو القائل بحق:
+ » وإن كانت لي نبوَّةٌ، وأعلم جميع الأسرار وكل علمٍ، وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال، ولكن ليس لي محبةٌ، فلستُ شيئاً. وإن أطعمت كل أموالي، وإن سلَّمت جسدي حتى أحترق، ولكن ليس لي محبةٌ، فلا أنتفع شيئاً. «(1كو 13: 2و3)
+ » أمَّا الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة ولكن أعظمهُنَّ المحبة. «(1كو 13:13)
وهؤلاء الثلاثة هم عمل النعمة في المسيح يسوع.
وبنظرة ثاقبة تتخلَّل هذه الآيات كلها نرى أن المحبة هي سر قوة الإيمان المسيحي كما أن الإيمان المسيحي هو سر قوة الأعمال. فبدون محبة ليس إيمان وبدون إيمان ليس أعمال.
——————————————
من تفسير رسالة غلاطية الإصحاح الخامس – الأب متى المسكين.
Share this content:
إرسال التعليق