روح القداس وروح العصر _ الأب متى المسكين
لقد تغلب روح العصر على روح القداس, وروح العصر روح فردية استقلالية غير نادمة على الخطية وغير منسحقة على وجه العموم. الإنسان الآن لا يشعر بأي إلتزام جماعي في أي شئ, لا في توبة ولا في شركة جسد الرب ودمه. الإنسان الحار بالروح يخشى في الكنيسة أن يقرع صدره أو يظهر بروح إنكسار وتوبة وندم, لأن ذلك يصبح شيئاً غريباً ومستغرباً. المتقدم للتناول يتقدم إلى الجسد والدم بصفة شخصية مفردة حُرة من الجماعة, وكأن الأكل من الجسد والدم موضوع شخصي يأخذه الإنسان لخلاصه الخاص دون أي ارتباط بأي نسان آخر. لقد فقدت الكنيسة أعز وأثمن صفاتها الروحية, وهي كونها جماعة متحدة وجسماً واحداً. وفقد القداس أعز وأثمن مفاعيله, وهو كونه سر توبة جماعية, وسر أغتسال جماعي, وسر شركة في جسد واحد ودم واحد, حيث عمل الجسد والدم الاساسي هو توحيد الجماعة لتصير جسداً واحداً. الكنيسة صارت مجرد موضع راحة نفسية لبعض الأفراد, والقداس انحصر في دائرة الخلاص الفردي.
إن فقدان هذا العنصر الجماعي من الكنيسة أو من القداس, وهو فقدان لمضمون الشركة في جسد المسيح, قد ضيَّع علينا كل الصفات والمميزات الروحية التي تلازم الجماعة: كالنمو الجماعي, والحب الجماعي, والحرارة الجماعية, والكرازة الجماعية, والصلاة الجماعية, كما من قلب واحد, تلك التي كانت أعظم مميزات الكنيسة الأولى. وهذا بالتالي عاد بأعظم الضرر والخسارة على روح المجتمع المسيحي والعالم كله.
——————————–
من مقال صوم جماعي وتوبة جماعية _ الأب متى المسكين ص 12 , 13
Share this content:
إرسال التعليق