أيدي الانسان الداخلي ـ القديس يوحنا كاسيان
أولئك هم الذين تكلم عنهم بشكل رمزي الكتاب المقدس بكلمة الأشول، مثل أهود الذي وصف في سفر القضاة بأنه يستخدم يده اليسرى كما لو كانت اليمنى (قض 2). هذه القدرة نستطيع أن ننالها (أي تكون يدنا اليسرى قوية كاليمنى) بشكل روحي، بإستخدامنا الأشياء السارة إستخداماً سليماً ومفيداً – هذه التي هي لليمين – علاوة على إستخدامنا الأشياء المؤلمة – التي ندعوها على اليسار – أيضاً إستخداماً حسناً، ونجعل كلاهما ينتميان للجانب الأيمن، بحيث مهما يحدث يكون بالنسبة لنا “سلاحاً للبر” كما يقول الرسول (2كو 6: 7).
لأن الإنسان الداخلي له جانبان، أو بأسلوب آخر “يدان”، ولا يستطيع أي قديس أن يعمل من غير أن يستعمل ما ندعوه اليد اليسرى، بل بواسطتها يظهر كمال الفضيلة، فالإنسان الماهر يقدر أن يحول كلا يديه إلى “يد يمينية”.
أستطيع أيضاً أن أقول أن يوسف كان أشولاً، ففي أفراحه كان عزيزاً جداً عند والديه، محباً لأخوته، مقبولاً لدى الله. وفي ضيقاته كان عفيفاً، مؤمناً بالله وفي سجنه كان أكثر شفقة على المسجونين، متسامحاً مع المخطئين، صافحاً عن أعدائه. وبالنسبة لأخوته الحاسدين له فانه بمقدار ما سقطوا تحت سلطانه – هؤلاء القاتلين له – أثبت ليس فقط محبته لهم بل أيضاً سخائه الحقيقي تجاههم.
إن هؤلاء الرجال وأمثالهم بحق يدعى كل منهم “أشولاً”، إذ يقدرون أن يستخدموا كلا يديهم كأيد يمينية، فيستطيعون بعد أن إجتازوا تلك الأمور التي يعددها الرسول أن يقولوا بحق: “بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ. بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ، بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ” (2 كو 6: 7-8) …. وهكذا يُحسب كل منا أشولاً عندما لا يؤثر فينا الرخاء ولا العوز، فلا يغوينا الرخاء ولا يدفع بنا نحو الاهمال الخطير، كذلك لا يطرحنا العوز في اليأس والشكوى، بل عندما نقدم الشكر لله على الأمور اليمينية واليسارية بشكل متساوي، نحصل على نفس الفائدة من كلا الأمور السارة والأمور المؤلمة.
——————————————
“مناظرات يوحنا كاسيان” ترجمة القمص تادرس يعقوب ملطي
Share this content:
تعليق واحد