الروح القدس والأعمال الصالحة – الأب متى المسكين
الروح القدس والأعمال الصالحة
الأب متى المسكين
نحن مقدَّسون بالمسيح, أو في المسيح. وخارجاً عـن المسيح أو بـدون المسيح، لا يُـدعَى إنسانٌ ما أنه قديس: «لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ» (غل 3: 27).
هي، إذن، ”قداسة المسيح“ التي تُنسَب إلى أولاده, يلبسونها فوق عُريهم أو فوق خزيهم، فإذا بهم قدِّيسون وأبرار. وليس أحدٌ قديساً من ذاته أو من أعماله, لأنه بدون المسيح لا يوجد عملٌ صالح أمام الله: «وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ، إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ» (كو 1: 21-23).
ولكن لا يمكن أن تُضاف إلينا قداسة المسيح بدون الروح القدس. الروح القدس هو أول كل شيء وبداية كل شيء, فهو يضطلع في المعمودية بعملية غسيل سرِّية أو سرائرية عميقة أشد العمق، فائقة أشد التفوُّق. فهو غسيلٌ يتعمَّق الطبيعة في كيانها العتيق, يرفع عنها لعنة الموت ورائحته, ويهبها قوة حياة لا تزول, لأن الروح القدس يغسل الإنسان بدم موت المسيح، ويدهنه بدهن قيامته السرِّية؛ فيخرج من جُرن المعمودية خليقةً أخرى مقدَّسة في المسيح لله: «لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا» (1كو 6: 11). (الغسيل للجسد, والتبرير للنفس, والتقديس للروح).
إذن، فقداسة القديس ليست في أصلها إلاَّ موت المسيح وقيامته، ينقلها الروح القدس من طبيعة المسيح ويغرسها في طبيعتنا أولاً بأول, في سرٍّ لا يُنطَق به, عَبْر الإيمان، وعَبْر التوبة، وعَبْر المعموديـة، وعَبْر كل تناول، وعَبْر كل قراءة للإنجيل, حتى نتغيَّر عـن شكلنا كلِّيةً، ويصبح «الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا» (كو 3: 4)، و«لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ» (أف 3: 17).
إذن، فالقداسة هي هبة المسيح العظمى, هي سُكنى المسيح في القلب بالإيمان, هي موتـه الذي يلغي نجاساتنا, وهي حياته التي تُجدِّد خلقتنا.
القداسة في المسيح هبة كاملة, وفي النهاية وبعد تكميل كلِّ سرٍّ، تشمل كيان الإنسان كله جسداً ونفساً وروحاً, لأنها فعلٌ داخلي وعملٌ إلهي كامل وفائق, ينتهي بها إلى مستوى خليقة كاملة مؤهَّلة للظهور أمام الله بلا لوم!
+ «وَإِلَهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. أَمِينٌ هُوَ الَّذِي يَدْعُوكُمُ الَّذِي سَيَفْعَلُ أَيْضاً» (1تس 5: 24،23).
هذا هو التقديس السرِّي الفائق الذي يضطلع به الروح القدس ”نفسه“ فيعمله في صميم طبيعة الإنسان, لكـن في غير إحساس مادي أو وعي شعوري للإنسان, وذلك بـالإيمان وبالإنجيل ومن داخل أسرار الكنيسة!
عمل تقديسي تكميلي:
بواسطة الإنسان: الأعمال الصالحة:
ولكن, وبعد هذا التقديس السرائري, يتبقَّى عمل تقديسي آخر أو تقديس تكميلي يضطلع بـه الروح القدس بواسطة الإنسان نفسه من خلال الأعمال الصالحة! «فَإِذْ لَنَا هذِهِ الْمَوَاعِيدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ» (2كو 7: 1).
أي أنه بعد تقديس الله لنا – بواسطة تبنِّيه لنا في ابنه وبالروح القدس – تقديساً مجانياً كاملاً بالنعمة: «إِذْ لَنَا هذِهِ الْمَوَاعِيدُ», يعود الله ويُطالبنا صراحةً بأن نجاهد الجهاد الحسن على مستوى الجسد والروح ضد أية خطيئة تمس طهارة الجسد أو الروح: «لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ», ثم نرتفع بهذا الجهاد إلي مستوى أعمال القداسة، كالصلاة بـلا ظهور، والصوم بلا افتخار, وحفظ كلمة الإنجيل بوعي روحي وخوف, والمواظبة على المحبة الأخويَّة الصادقة بالشركة في الجسد والدم عن استحقاق طهارة القلب, وخدمة البَذْل والشهادة في حينها. وبالاختصار «مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ»، حيث لا تكون الأعمال الصالحة بدءاً أو أساساً للقداسة, ولكنها كما يقول الرسول ”تكميلاً“ حتميّاً لها, بحيث إذا توقَّفت الأعمال الصالحة أو أُهملت, لا تكمل فينا القداسة التي وُهبت لنا في المسيح بالروح القدس, بل تصبح بلا نفع.
وأكثر من ذلك, فإن الله يرى أن تكميل القداسة المفروضة علينا بالعمل الصالح – والتي بدأها هو فينا مجاناً – لا يكون تكميلاً سهلاً أو كأنه تكميلٌ لا يحتاج إلى حَذَرٍ وانتباه, بل هو خطير للغاية, يحتاج إلى ”خوف ورعدة كثيرة“, لئلا يتحوَّل إلى افتخارٍ وتعالٍ، أو يتحوَّل إلى عمل روتيني ميت, فلا يؤدِّي إلى تقديس حقيقي للجسد والنفس والروح, أي إلى الاتِّحاد بالمسيح, بل إلى رياءٍ فسقوط!
لذلك، فمؤازرة الروح القدس في العمل ”لتكميل القداسة في خوف الله“ أمرٌ فائق الخطورة والأهمية لخلاصنا. لأن الروح القدس مُحبٌّ جداً للعمل الصالح, وهو الذي يقترحه ويحث عليه, ويُعطي المثابرة والنشاط, ويُعين ضعفاتنا، ويُعلِّمنا ما ينبغي أن نصلِّي من أجله, ويشفع في جهلنا وعدم معرفتنا، وذلك بأنَّاتٍ لا يُنطَق بها, لأنه هـو وحده الذي يعرف ما هي حاجة القدِّيسين, وماذا ينبغي أن يكون اهتمامهم, وما هو لازم للروح لتكميل القداسة؟!
على أنه ينبغي أن نُدرك أن الأعمال الصالحة أو أعمال ”تكميل القداسة“ ليست من صُنع بشر, ولا هي خبرات جماعة نُسَّاك أقوياء اقترحوها من أنفسهم؛ بل هي من صُنْع الروح القدس وإلحاحات النعمة النابعة من جهاد المسيح؛ فهي وصية إنجيلية، وهي عمل الله الخفي في قلوب الأتقياء: «لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا» (أف 2: 10).
أي أن الأعمال الصالحة هي هي أعمال الروح القدس, أي أعمال قداسة أو تقديس, وهي نابعة أصلاً مـن المسيح الذي جعل حياته كلها ”عملاً صالحاً“ لحسابنا, لذلك يقـول الرب: «بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً» (يو 15: 5). وهو قـد سبق فأعدَّ لنا كل الأعمال الصالحة اللازمة لتكميل قداستنا واتِّحادنا فيه, لا كأنها أعمال تُوهَب بلا جهد بل يقول: «لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا»، أي بمعاناة وآلام وحروب ومقاومات كثيرة وعنيدة, لكـن المسيح سبق أيضاً ووهبنا ”المعزِّي“ الروح القدس المُعطي القوَّة: «سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ» (أع 1: 8), ذاك الذي يستطيع أن يجعل مع جهادنا وسهرنا ومعاناتنا عزاءً ما بعده عزاء, لأن طبيعة الروح القدس تُحوِّل طبيعة الألم إلى لذَّة وفرح وانتصار القداسة: «”إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلْذَّبْحِ“. وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا» (رو 8: 37،36).
إذن، فأنْ يصبح الإنسان قدِّيساً أمام الله وبلا لوم، فهذا من عمل المسيح مباشرة في الطبيعة البشرية, وهذا يعتمد أساساً وكلِّيةً على الإيمان بالمسيح والاعتماد لموته وقيامته وقبول الروح القدس: «مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ» (أف 1: 4،3).
ولكن لكي يقبل كل واحد منَّا قداسة المسيح شخصياً، ويحتفظ بهذه القداسة يوماً بعد يوم، ويُكمِّلها على مستوى الحياة والشهادة؛ فإنَّ مؤازرة الروح القدس للأعمال الصالحة تصبح ضرورة حتمية: «رُوحُ الْحَقِّ… يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ» (يو 16: 13), «تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ» (في 2: 12), «فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا» (رو 13: 11), «مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ» (2كو 7: 1), «فِي سِيرَةٍ تَلِيقُ بِالْقَدَاسَةِ… مُقَدِّماً نَفْسَكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قُدْوَةً لِلأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ» (تي 2: 7،3).
وأعمال القداسة قد تبدو لكثيرين وكأنها زيادة أو مغالاة في العبادة أو التقوى, إذ يكفي في نظرهم أن لا نعمل الشر وكفى, ولكن أَمْر الله في هذا يقطع بالإلزام: «بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً قِدِّيسِينَ فِي كُـلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: ”كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَـا قُدُّوسٌ“» (1بط 1: 16،15), لأن القداسة «بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ» (عب 12: 14).
ومعلومٌ أنَّ الوصية في العهد القديم، التي كانت منحوتة كحروف كلماتٍ على الحجر (رمز للقلب الحجري), صارت مكتوبة في العهد الجديد بالروح القدس على القلب اللحمي. الروح القدس هو الذي يُوصي بالقداسة ويرسم كل أعمالها في الضمير.
لذلك فبقدر ما كانت أعضاء الإنسان مغلوبة ومستعبَدَة لشهوات النجاسة بسبب ضعف الجسد؛ تصبح، بنعمة الروح القدس وقوَّته الفائقة وبإلحاحاته في القلب، قادرة ومُستعدَّة أن تكون مُستعبَدَة بكلِّ فرح وسرور لأعمال القداسة: «أَتَكَلَّمُ إِنْسَانِيًّا مِنْ أَجْلِ ضَعْفِ جَسَدِكُمْ. لأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْتُمْ أَعْضَاءَكُمْ عَبِيداً لِلْنَجَاسَةِ وَالإِثْمِ لِلإِثْمِ، هكَذَا الآنَ قَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ عَبِيداً لِلْبِرِّ لِلْقَدَاسَةِ» (رو 6: 19). هنا القداسة عملٌ وممارسة وجهاد.
كـذلك هنا الإشارة إلي الشيطان واضحة جـداً في التعبير عـن استعباد أعضاء الإنسان للنجاسة إلى درجة الاشتعال, كذلك الإشارة إلى الروح القدس واضحة أيضاً في الانتقال من عبودية الأعضاء للنجاسة إلى عبودية الأعضاء للبرِّ والقداسة, حيث يرفع الروح القدس مستوى الإرادة لقبول الأعمال الصالحة والفرح بعملها ومحبتها الشديدة إلى درجة العبودية! وكأن القلب كله قـد أصبح كنزاً لكـلِّ فكرٍ صالح ولكـلِّ فعلٍ ومبادرة صالحة, كنزاً لا ينتهي بواسطة عمل الروح القدس المُتجدِّد فيـه: «اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِـنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ!» (لو 6: 45).
ويُلاحَظ هنا أنَّ وصف القلب باعتباره الكنز الصالح كناية سرِّية عن أنه صار مسكناً للروح القدس, علماً بأن الروح القدس يُوصَف بحسب التقليد الكنسي أنه: ”كنز الصالحات“ (قِطَع الساعة الثالثة من النهار).
ولكن, حتى بعد أن يصير القلب مُتقدِّساً بالروح القدس وكنزاً للصالحات, فإنه يتبقَّى عليه بالضرورة عملية إخراج العمل الصالح من القلب إلى حيِّز التنفيذ, وألاَّ يفقد القلب صفته الإلهية أنه ”كنز الصالحات“, لأن الكنز إذا لم يُستخدَم يصير هو هو الوزنـة المطمورة في التراب. (وما هو التراب إلاَّ الجسد الترابي الذي أَغلق على موهبة الروح – أي الإيمان – فلم تُثمر عملاً صالحاً).
ولكن يلذُّ لنا أن نُعِيد ونُعِيد أمام ذهن القارئ، أنَّ القلب بدون كنزه الصالح, أي بدون قوَّة الروح القدس ونوره, يستحيل أن يفعل مـن ذاته صلاحاً بأيِّ حالٍ من الأحوال: «الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (رو 3: 12), «اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا» (في 2: 13).
ولكن بمجرد قبول الإنسان للروح القدس والانقياد تحت مشورته وسلطانه ونوره, يصبح الإنسان قادراً على أن يفعل الصلاح, ويُحسَب له هذا الفعل الصالح برّاً، وكأنه من عمل الإنسان الخاص ومن صميم إرادته وإيمانه!! هنا اتضاع المسيح وإخلاء الروح القدس, حيث يتنازل كلٌّ منهما عن دوره الأساسي في خروج العمل الصالح من قلب الإنسان إلى حيِّز الفعل والتكميل ليُحسب كلِّيةً لحساب الإنسان, وكأنه من جهده الخاص وإرادته وإيمانه وحده!! ولسان حـال الإنسان في ذلك أمام الله: «لأَنَّ مِنْكَ الْجَمِيعَ وَمِـنْ يَدِكَ أَعْطَيْنَاكَ» (1أي 29: 14), أو بلغة القدَّاس: ”نُقرِّب لك قرابينك من الذي لك“ (قدَّاس القديس باسيليوس – قبل ”سر حلول الروح القدس“).
ه=========ه
من كتاب:
“مع الروح القدس في جهادنا اليومي”
الأب متى المسكين
الفصل الثالث: الروح القدس والأعمال الصالحة
من ص 18 وحتى ص 23
Share this content:
إرسال التعليق