إيقونة عذراء الآلام
إيقونة عذراء الآلام
ترجع هذه الإيقونة إلى النصف الثاني من القرن السادس عشر.
طولها ٧٩.٥ سم، عرضها ٥١ سم و سماكتها ٦ سم.
الألوان النباتيّة فيها ممزوجة بصفار البيض وتُعرف هذه الطريقة بال Détrempe التي انتشرت بعد القرن السابع – الثامن تقريباً وحلّت مكان استعمال العسل مع الألوان والتي كانت تُسمّى بال Encaustique.
الشكل فيها قريب من شكل “العذرء الهادية” Hodegetria الذي نشاهد فيه عادةً العذراء مريم تحمل الربّ يسوع المسيح على إحدى يديها بينما باليد الأخرى تُشير إلى المخلّص.
هنا الوضع يختلف بعض الشيء إذ نشاهد في هذه الإيقونة تماسكاً بين يديّ الربّ ووالدة الإله.
قد يظن البعض إنّها تشدّده ولكن في الحقيقة هو الذي يُشدّدها ويقول لها:” لا تضطربي يا أمي عندما تشاهديني على الصليب، فإنّني صحيح سأموت في الجسد بحسب طبيعتي البشريّة، ولكنّي سأقوم من بين الأموات لأنّي إلهٌ أيضاً”.
الربّ يسوع المسيح:
الرغم من هذا التدبير الخلاصي يبقى مشاهدتها لإبنها يسوع مُعلّقًا على الصليب ومَطعونًا سيفًا يجوز في قلبها (لوقا ٣٥:٢).
الربّ يسوع يلتفت إلى يساره ناظرًا إلى أعلى.
أراد راسم الأيقونة بذلك أن يجعله ينظر إلى رئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل في أعلى الإيقونة، واللذين يحملين أدوات الصلب.
الملاك على يمين العذراء هو ميخائيل ويحمل الرمح الذي طُعن فيه الربّ على الصليب (يوحنا ٣٤:١٩)، ويحمل أيضًا القصبة التي وضع عليها الجنود الرومانيون اسفنجةً من الخل وقدّموها ليسوع عندما قال أنا عطشان “وكان إناء موضوعًا مملوءًا خلًّا، فملأوا اسفنجة من الخل، ووضعوها على زوفا وقدّموها إلى فمه“ (يوحنا ٢٩:١٩)
الملاك الآخر هو جبرائيل ويحمل الصليب الذي صُلب عليه الربّ.
الحذاء المخلوع في قدم الربّ والذي يكاد أن يقع له عدّة تفسيرات تطوّرت عند مُفسرّي الإيقونات:
١- يشير إلى تعريته عند الصلب، إذ خلعوا عنه ثيابه.
٢- هو يذهب طوعًا إلى الموت فيخلع كلّ شيء عنه ويعلو الصليب ليموت ويقوم ويقيمنا معه خالعين الإنسان العتيق لنلبس الإنسان الجديد.
٣- يذكر سفر تثنية الاشتراع في الإصحاح ٢٥ عن أن إذا توفي رجلٌ وليس له أولاد تتزوّج زوجته شقيقه والإبن الأوّل ينسب إلى الزوج كي لا يُمحى اسمه من بيت اسرائيل، وعاد رُبط انقطاع النسل بعدم مجيء المسيح المُنتظر من الشخص المتوفي.
أمّا في حال رفض شقيق الزوج الميّت أن يقترن من زوجة شقيقه، كانت الزوجة الأرملة تخلع نعله من رجله وتبصق في وجهه أمام شيوخ مدينته ويُدعى”مخلوع النعل“.
هذه العادة قديمة جدًا ومذكورة في سفر التكوين (٨:٣٨) وعند شعوب وثنية عديدة.
الربّ يسوع أبطل هذه العادات لأن المسيح الحقيقي قد أتى.
فعوض أن يبقوا يتنظرونه عليهم أن يتبعوه، ”متى رفعتم ابن الانسان، فحينئذ تفهمون أنّي أنا هو“ (يوحنا ٣٨:٨)، كذلك أصبحت أسماؤنا بالربّ يسوع مكتوبة في سفر الحياة في أورشليم السماويّة.
وهذه إشارة أيضًا إلى أن الزواج سرٌ باقٍ إلى الآبد لا يبطله موت.
والدة الإله:
والدة الإله تنظر إلينا وتقول :”مهما قال لكم فافعلوه“ (يوحنا ٥:٢).
صحيح أنّها قالت هذه الآية في عرس قانا الجليل إلّا أنّه عرس كلّ مؤمن مسيحي هو قيامته مع سيّده من بين الأموات ليشرب النبيذ الجيّد في عرس الحمل الآبدّي. “طوبى للمَدعُوّينَ إلى وَليمَةِ عُرسِ الخروف“ (رؤ٩:١٩).
الثياب في الأيقونة داكنة. العذراء تتلّحف بالمجد الإلهيّ المُشار إليه باللون الخمري الغامق وعلى ساعدها الأيمن خيط من ذهب. ”منسوجة بذهب ملابسها“ (مزمور ١٣:٤٥).
النجمات الثلاث على والدة الإله:
نشاهد في إيقونات والدة الإله نجمات ثلاث، على رأسها والكتفين.
هذه النجمات تشير إلى أن والدة الإله هي بتول قبل وأثناء وبعد ولادتها للربّ يسوع.
الكتابة الموجودة على الإيقونة:
– MP ΘV: هذه الحروف يونانيّة تعني والدة الإله.
– IC XC: تعني الربّ يسوع المسيح.
– ἡ Παμμακάριστος: الكلية الطوبى.
– وهناك نص يقول: هو الذي اقتبل من العذراء مريم الطاهرة يُظهر الآن أدوات الآلام، والمسيح كونه تجسّد، يرتعد (بطبيعته البشريّة الكاملة) من الموت لمشاهدته إيّاهم.
– الكتابة في أسفل الإيقونة: أدعية خادمي الله الراهبان يواكيم و ثيودول.
كاتبا الإيقونة هما كرواتيّيان من تيار رهباني يتبع تقليد ثيوفان.
التسمية ἡ Παμμακάριστος تُشير إلى أن الإيقونة هي من الدير الكبير في القسطنطينيّة الذي يحمل هذا الاسم والذي أصبح كنيسة بطريركيّة بين عامي 1455 و 1587م.
في عام 1591م تحوّلت الكنيسة إلى جامع في اسطنبول تحت اسم Fethiye Camii جامع الفتح.
حاليًّا هي في متحف وأعيد تجديدها في العام ١٩٤٩م من قبل جمعية بيزنطيّة في أميركا.
Share this content:
إرسال التعليق