صداقة أعضاء الجسد الواحد ـ القديسة أنثوسا
الواقع أن الصديق مرغوب أكثر من الضوء نفسه! أتحدث عن الصديق الأصيل! لا (تكن متسرعاً في إعتراضك), فقد نفضّل أن تُطفأ الشمس من أن نُحرَم من الأصدقاء. قد نفضّل أن نعيش في الظلام من أن نعيش بدون أصدقاء!!
ولماذا أقول هذا؟ لأن كثيرين من الذين يرون الشمس هم في الظلام. أما الأغنياء بالأصدقاء فلا يكونون في محنة أبداً. أتحدث عن الأصدقاء الروحيين الذين لا يضعون شيئاً (مصلحتهم الشخصية) فوق الصداقة.
هكذا كان بولس، الذي أراد طوعياً أن يضحي بنفسه، من دون أن يُسأل واراد طوعياً ان يسقط في الجحيم من أجل إخوته (رومية 9):
9: 1 أَقُولُ الصِّدْقَ فِي الْمَسِيحِ، لاَ أَكْذِبُ، وَضَمِيرِي شَاهِدٌ لِي بِالرُّوحِ الْقُدُسِ:
9: 2 إِنَّ لِي حُزْنًا عَظِيمًا وَوَجَعًا فِي قَلْبِي لاَ يَنْقَطِعُ.
9: 3 فَإِنِّي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِي مَحْرُومًا مِنَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ إِخْوَتِي أَنْسِبَائِي حَسَبَ الْجَسَدِ،
العاطفة هذه (التى تأججت بالمحبة الإلهية في بولس) خذْها مثلاً لك عن الصداقة التي في المسيح. الأصدقاء يتخطون الآباء والبنين، أي الأصدقاء بحسب المسيح.
أن يكون عندك صديق هو أن يكون عندك نفس أخرى. إنه الانسجام والتناغم اللذين لا يساويهما شيء. في هذا يساوي الواحد كثرة. إذ لو اتّحد إلإثنان أو عشرة، فإن كلاً منهم لا يعود واحداً بل يصبح لكل منهم قدرة العشرة وقيمتهم. وسوف تجد الواحد في العشرة والعشرة في الواحد. إذا كان لهم عدو، فهو لا يهاجم الواحد بل العشرة، وبالتالي لا يُهزَم ولا يتراجع من الواحد بل من العشرة.
إذا وقع واحد منهم في عوز، فهو ليس مهجوراً لأنه يزدهر بجزئه الأكبر، أي بالتسعة، ويكون جزئه الأضعف في أمان أي أن الجزء الأصغر يزهو.
وللسبب نفسه نحن نقبّل بعضنا بعضاً في القداس. حتى نكون واحداً مع أننا كثيرون. ونحن نصلي من أجل غير المؤمنين والموعوظين والمرضى وثمار الأرض والمسافرين في البر والبحر. لاحظ قوة المحبة في الصلوات وفي الأسرار المقدسة وفي التعليم. إنها سبب كل الأمور الحسنة. إذا التزمنا بهذه الوصايا مع الانتباه اللازم فسوف نقدر على تدبير الأمور الحاضرة جيداً ونحصل على الملكوت.
———————————-
من رسالة القديسة أنثوسا إلى ابنها القديس يوحنا الذهبي الفم
Share this content:
إرسال التعليق