×

صوم جماعي وتوبة جماعية – الأب متى المسكين

صوم جماعي وتوبة جماعية – الأب متى المسكين

 

توبوا … «مَنْ له أذنان للسمع فليسمَع»

دعوة إلى: صوم جماعي وتوبة جماعية

الأب متى المسكين

لقد مهَّد يوحنا المعمدان، بالتوبة، الطريق لمعرفة المسيح وظهوره!!

بدون توبة عن الخطية، وندم على حياة الاستهتار، وعودة القلب إلى مخافة الله؛ يتعذَّر استعلان معرفة المسيح وينحجب ظهوره الإلهي عن النفس! «وأنا لم أكن أعرفه لكن ليُظهر لإسرائيل لذلك جئت أعمِّد بالماء … وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله» (يو 1: 31 و34).

إذن، فكانت معمودية يوحنا بالماء للتوبة، ضرورة مطلقة حتى يُستعلن المسيح! …

ولا تزال التوبة في كل حين وحتى هذه الساعة هي الطريق الوحيد الذي يوصِّلنا إلى التعرُّف على شخصية المسيح. فمن لخلال ضغطة الحزن على الخطية والإحساس بالندم القاتل، نستكشف رحمة يسوع وقيمة دمه وقدرة لاهوته على الإقامة من الموت والهاوية!! …

إذا لم نقف على خطر الخطية العاملة فينا ونحس في أعماقنا بسر الإثم، لن نقف يوماً على قيمة الدم الإلهي، ولن نحس أبداً بسر الفداء!! وإن كنا لا نفحص ضمائرنا ونلومها وننازع أنفسنا عن قبائح حياتنا الداخلية وندينها، ونكشف في أخطائنا وشهواتنا وعيوبنا ونجاساتنا حقيقة أنفسنا، فلن نشعر بأي حاجة إلى المسيح، ولن نجد ضرورة ملحة للتعرُّف عليه، ويظل لاهوته مجرِّد موضوع للإيمان يزداد ويتناقص بمقدار البرهان الفكري، أما الدم المسفوك على الصليب فيبدو وكأنه بلا داعٍ، أو كأنه لازمة من لوازم قصة الصليب وحسب!! …

ولكن يا لجلال الرب للقلب التائب!! ويا لقوة الدم للضمير الذي يئن من ثقل الخطية!!

حينما تبلغ النفس إلى حقيقة ذاتها بعد أن تكون قد واجهت خطيئتها بشجاعة وصمود دون تهرُّب أو اعتذار أو عطف كاذب … فحينئذ لا ترى مفراً من السقوط تحت خشبة الصليب!! … ولا تعود ترى في يسوع موضوعاً فكرياً للإيمان، بل حقيقة حياة من الموت وخلاص من الهاوية.

+ «مَنْ آمن بي ولو مات فسيحيا» (يو 11: 25)!!
+ «مَنْ آمن واعتمد خَلُص» (مر 16: 16)!!

سؤال: وماذا يحتاج الإنسان الخاطي ليقبل الإيمان بالمسيح، فيقبل الحياة والخلاص؟

الجواب: لا شيء!! فقط لا يعاند الصوت الداخلي، ولا يقاوم الدعوة!!

+ «الحق الحق أقول لكم: إنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات (بالخطية) صوت ابن الله والسامعون يحيون.»! (يو 5: 25)

بداية سيرة الخاطي مع الله، كبداية ميت في القبر …

ليس عليه واجبات، لأن ليس له حقوق في شيء! «ليس في الموت مَنْ يذكر ولا في الجحيم مَنْ يعترف لكَ» (مز 6: 5 السبعينية) …

إن الخاطي الذي غرَّته الخطية وقتلته يبدو وكأنه بلا نفس، بلا قوَّة على العمل، بلا حركة في الروح، بلا أُذُن للسمع؛ من أجل هذا جاء ابن الله، كلمة الله الحية، وأرسل صوته بالإنجيل ليزرع بكلمته أُذناً جديدة في النفس الميتة لتسمع الإيمان وتعيه … وحين يسمع الخاطي صوت ابن الله يحيا ويقوم من بين الأموات!! …

———————
جزء من مقال الأب متى المسكين في فترة الصوم الكبير

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed