×

شرح لأيقونات الميلاد

شرح لأيقونات الميلاد

شرح لأيقونات الميلاد

الانسان الأول من الأرض ترابي، الإنسان الثاني الرب من السماء

(1كو 47:15-49)

بدايةً لابد من التأكيد على أن الأيقونات عموماً لا تهدف إلى أعطائنا حدثاً تاريخياً بتفاصيله الدقيقة وحسب, لتقدمه لنا منفصلاً بعيداً عن لاهوت الكنيسة وإيمانها, لأن الأيقونة تقدم بالحق لاهوتاً قائماً على علاقة تاريخية بالشخص الحقيقي الحىّ عبر كل الأجيال, لذا فالأيقونة ليست مجرد لوحة فنية ملونة, بل هي التاريخ الحىّ الشارح لإيمان الكنيسة لشعب المسيح, كدليل واضح وضوح الشمس لا يحتاج إلى مجهود بحثي مدقق, بل هو يحتاج إلى تأمل وصلاة وإدراك واعي بحقيقة التاريخ الحيّ فينا.

إن الأيقونة هي نافذة اللاهوت المُسَلْمْ لنا مرة من القديسين على أساس الواقع التاريخي الحيّ ليومنا الحاضر, الذي لا يمكن لأحد إعادة صياغته مجدداً بحسب فكر الناس, فبالرغم من جمال الإيقونة وبساطتها, إلا إنها صلبة كالصخر تقف بحزم وبكل جراءة أمام كل من تسول له نفسه أن يعبث بأحداث التاريخ, لذا فالأيقونة هي حافظة اللاهوت التاريخي كحدث زمني وكإيمان لاهوتي قائم بأستمرار بمجد شهادة التاريخ, كشاهد صادق في غاية الوضوح والبساطة أمام أعين كل الشعب في كل يوم وكل ساعة.

ونلاحظ عموماً في الأيقونة القبطية عدم تجسيم أو توضيح لأعضاء الجسم لأنها العفة التي قد أرتقت عن الجسديات، كما إن الملابس عموماً تكون فضفاضة لا تناسب مقاس الجسد, لأنها هي قداسة الحق العليا التي بكل تأكيد أكبر من قدرات الجسد وحدوده الزمنية, والعيون مفتوحة فهي عيون تتأمل السماء ولها بصيرة روحية وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ. (2كو4: 18).

وبعض الأيقونات ترسم أجسام القديسين طويلة ونحيفة، طويلة لأن قامتهم الروحية عالية ومشدودن إلى السماء, ونحيفة لأنهم زاهدون في الطعام الجسدي, لذلك تجد الفم صغير لأنهم يتغذون غذاءً لا يحتاج لأتساع الفم الجسدي, غذاءً روحياً لحساب الحياة الدائمة، والشفاه رقيقة لأنها مسبحة لطيفة لا تشتم ولا تصيح ولا تتكلم كثيراً, ولا تضحك فتظهر أسنانها، فأفراح القديسين داخلية لا يراها الناس، وأفواههم تمجد الله كعروس النشيد شَفَتَاكِ كَسِلْكَةٍ مِنَ الْقِرْمِزِ (نش4: 3)، وترسم للقديسين جبهة عريضة إشارة لدوام التأمل في الروحيات، ويرسم القديسون دائما بعينين, أما الأشرار كيهوذا فيرسمونه من جانب الوجه, فيظهر له عين واحدة, لأن الشرير ليس له سوى نظرة أحادية للأمور, هي النظرة المادية وليس له نظرة واسعة شاملة روحية للأمور.

32585 شرح لأيقونات الميلاد

لأيقونات الميلاد مهمتان أساسيتان:

الأولى: إنها تبيّن حقيقة تجسد أبن الله, فتضعنا أمام شهادة مرئية عينية للعقائد الأساسية للإيمان المسيحي في تجسد الأبن الوحيد, كما إنها تُظهر بتفاصيلها المرسومة أمر هام هو: الألوهة التي هي في إتحاد دائم مع الطبيعة البشرية بلا إنفصال لطبيعة يسوع المسيح المتأنس, بالوجود الحقيقي للكلمة المتجسد في عالمنا الحقيقي.

الثانية: إنها تظهر لنا تأثير الحدث على حياة العالم الطبيعية, وكما يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي: (ميلاد المسيح ليس أحتفالاً للخليقة, بل هو إعادة الخليقة.) إنه التجديد الحقيقي الذي كان لكل الخليقة بتجسد الكلمة, لذا نرى الكل يقدم الشكر على طريقته … الملائكة بالترتيل … السمَاوات بالنجم المشرق … المجوس بالهدايا … الأرض بالمغارة المحتضنة للميلاد العجيب … أما نحن البشر فنقدم عذراء طاهرة قدمت كل عجينة البشرية للكلمة في ميلاد يسوع المسيح المخلص.

إن أيقونة الميلاد في عناصرها الأساسية بصورتها الحالية موجودة منذ القرن السابع. إلا ان هناك بعض الأيقونات الآثرية التي تعود إلى القرن الثالث والرابع تظهر رسم لميلاد المسيح مع الرعاة والمجوس والرعيان. وعناصرها تتطابق تماماً مع التسليم الرسولي لقصة الميلاد العجيب, لذا فهي منسجمة تماماً في تطابقها مع ما ورد في ليتورجيات الكنيسة الجامعة في صلواتها وتسابيحها, وكذلك مع الإنجيل في (لو 6:2-20) و (متى 1:2-12).

ايقونة-الميلاد شرح لأيقونات الميلاد

عناصر أيقونات الميلاد:

أولاً: والدة الإله العذراء مريم:

+ أن الجبل الذي تستلقي عليه العذراء، يلحظ إنه منفصل عن بقية الجبال, كما أن لونه مختلف أيضاً عن الجبال التي بجواره, ليعبر عن تمايز العذراء عن باقية النساء، كونها مكثت دائماً بتولاً في جميع مراحل حياتها.

+ فهي تجلس بهدوء وبلا أنفعال دلالة علي الولادة العجيبة التي كانت بدون آلم, وتجلس في صدر الأيقونة ومركزها دلالة واضحة على أهمية العذراء ومكانتها ومحوريتها في السر العظيم, لأنها دخلت لمشيئة الرب بطاعتها لتصير أمته, فَتتأهل لولادته بالجسد, لتصبح هي نفسها أيقونة لخلاص البشرية.

+ كما نراها دائما خادمة للتجسد فهي غير منفصلة عنه. لذلك تصورها الايقونات المختلفة وهي حاملة للطفل يسوع آدم الثاني بداية خلقتنا الجديدة فيه, لأنها قد أعطته كل عجينة البشرية, لذا فمريم العذراء كوالدة الإله هي وحدها هديتنا له.

الميلاد-Kopia شرح لأيقونات الميلاد+ العذراء مستلقية فوق نسيج أحمر مخملي فاخر اللون دلالة على العفة وفخامة طهارتها, وتأكيداً للمعنى فهي ترتدي أيضاً ملابس تراثية باللون الأحمر القاني, تعود إلى ما قد سجلة القديس لوقا البشير والطبيب, الذي كان أول من رسم والد الإله مع الطفل، معطيا أهمية كبيرة لتكريم البتول كاتباً على أعلى الأيقونة التي رسمها “والدة الإله” أي أن الله تجسد في أحشائها، وعبر عن بتوليتها من خلال ثلاثة نجوم موضوعة واحدة على جبينها، وواحدة على كتفها الأيمن، وواحدة على كتفها الأيسر، وهو يرمز بذلك الى ثلاثة مراحل بقيت فيها بتولاً قبل حَملها وأثناء الحمل وبعد الولادة، فهي دائما البتول الطاهرة.

+ كما أن الايقونة لا تهتم بقياسات الجسم, فهي ترغب على تأكيد المعنى, لذا يمكن ملاحظة الطول الفارع الذي للسيدة العذراء الذي يعبر عن قامتها الكبيرة, وهي في حالة أستغراق تام من التأمل في هذا السر العظيم, ونلحظ أيضاً بأنها لا تلتفت نحو الطفل، فهي تتأمل كل المشاهد والأحداث لهبة الله لها العظيمة قائلة: من أين لي هذا دون أن أعرف رجلاً وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. لوقا 19:2. كما نرى والدة الإله تنظر إلى يوسف لتعلمنا الصبر على الآلام تجاه إلحاد وشك الجنس البشري، تجاه قبولهم السر الصعب لتجسد الكلمة (الذي فاق كل كلام وعقل ومنطق.)

ثانياً: القديس يوسف النجار خطيب العذراء مريم:

** القديس يوسف النجار = يرسم بعيداً عن المغارة لأنه ليس والد الطفل.

f9bba1d2-fe26-452b-8a54-1a341fcf1040 شرح لأيقونات الميلاد+ يوسف في الايقونة لا يمثل شخصه فقط, بل هو مع السيدة العذراء إنما يمثلان كل الجنس البشري, رمزاً للإنسانيّة كلّها, حيث الرجل والمرأة هما معاً (صورة الله ومثاله) كما ورد في سفر التكوين: “فخلَقَ اللهُ الإنسانَ على صورَتِه، على صورةِ اللهِ خلَقَ البشَرَ، ذَكَرًا وأُنثى خلَقَهُم (تك 1: 27).

365-Kopia شرح لأيقونات الميلاد+ نجد بين الأشخاص الموجودين في أيقونة الميلاد يوسف خطيب السيدة العذراء. وهو يظهر في أسفل الأيقونة مفكراً حائراً يتجه نحوه شخص يرتدي لباساً جلدياً أسود, فيتجه يوسف لهذا الشخص المبهم بدلاً من أن يتجه نحو والدة الإله والطفل, وهو يسند رأسه بيده متعجبا غارقا في أفكاره. هذا الرجل الهرم لابس السواد إنما هو إشارة للشيطان, فهو يرسم كراع عجوز وقف يقنع يوسف بأن ولادة طفل من عذراء هو أمر مستحيل ومخالف لقوانين الطبيعة.

ثالثاً: الطفل المقمط:

+ نلاحظ في أيقونة الميلاد، دائما أن الطفل يصور وهو مقمّط بأقمشة ومضجع في معلف، ملامحه تشبه تقريباً ملامح بالغي السن كرجل بالغ, على الرغم من انه طفل ليظهر بمظهر كمتقدم الأيام. وهذا لأنه كان موجوداً قبل الولادة الجسدية بحكم ألوهيته, كل هذه الملامح تشير إلى أنه ليس طفل عادي كباقي الأطفال، بل هو الله ابن الله، أي أن الابن الأقنوم الثاني مولوداً من الآب قبل كل الدهور.

ايقونة-الميلاد-Kopia شرح لأيقونات الميلاد+ إن الطفل موضوع على خلفية مظلمة لكي يؤكد لنا أنه هو النور الحقيقي الذي لا يفنى, الذي يضىء لكل إنسان آتياً للعالم, فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ،وَالنُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ. (يو 4:1-5) المسيح مقمّط في الوسط في الظلمة وحده لانه هو من سيجلب لنا نور الخلاص والمجد، لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ. (لو 79:1). يقول القديس غريغوريوس النيصصي مقارناً: (الأقمطة تذكرنا بموت ودفن السيد لأن الذي أمطر الشعب مناً في القديم هو نفسه يصبح اليوم خبز الحياة الأبدية.)

maxresdefault شرح لأيقونات الميلاد+ أقمطة يسوع كالأكفان والمغارة مثل القبر وكذلك المذود كاللحد, وهكذا وضع الطفل يسوع منذ ولادته ملفوفاً بأكفان بدلاً من الأقمطة المعتادة كبقية الأطفال, للأشارة بتأكيد بليغ إلى الهدف من ميلاده العجيب وهو الفداء. فالمذود كان ظلاً للصليب, والأقمطة تظهر كالأكفان, ليقبل الرب أن يربط بها كدعوة الصليب للموت ليحلنا نحن من خطايانا. لهذا فالطفل مقمط بأقمشة داكنة مضجع في مغارة كما  لو كان في القبر, ليشير لولادة الطفل المخلص الذي بصليبه داس الموت بموته المحي, فالميلاد يرتبط بسرية فائقة بالموت المحي المعلن بالصليب. ليهدف بسرية بليغة إلى الربط بين التجسد الإلهي والخلاص في خطة الله لخلاص الإنسان. لذا فالطفل المضجع في الوسط هو رئيس الكهنة الذي يقدم نفسه كذبيحة إلهية من أجل خلاص العالم.أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ. (يوحنا 51:6).

رابعاً: غسيل الطفل:

ايقونة-الميلاد-Kopia-2 شرح لأيقونات الميلاد+ يوجد في أسفل أيقونة الميلاد، ومن جهتها اليسرى امرأتان تغسلان الطفل بعد الولادة. غسل الطفل هو تعبير نفهم منه أن الطفل هو مثل كل مولود جديد له متطلباته الطبيعية.

الميلاد-Kopia-2 شرح لأيقونات الميلاد+ وبحسب التقليد القبطي كتسليم رسولي, فإن المرأة الموجودة في الناحية اليسرى للأيقونة هي سالومي أي المرأة التي رافقت العائلة المقدسة من بعدالولادة، حتي الهروب إلى مصر. وأما المرأة الموجودة في الجهة اليمنى والتي تظهر وكأنها تحدث الطفل تمثل أمنا الأولى حواء التي كانت تنتظر مجيء المخلص كي تنال هي أيضا الخلاص. 

+ القابلة سالومي تحضر الماء لغسل المولود وذلك اثباتاً لانسانية المسيح الكاملة ومولده الطبيعي, وطبعاً رمزاً مسبقاً لمعموديته.

خامساً: النجمة:

+ إن للنجمة دورا هاماً في أيقونة الميلاد. فالنجمة تشكل عنصراً من العناصر الأساسية للبشارة. نعلم من الأبحاث و الدراسات أن أول نجمة وضعت على أيقونة الميلاد كانت في القرن الثالث, فرسمت على جدرانية (أفرسك) والدة الإله من مقابر (دياميس) في كنيسة (Prichilla) (برسيقلا) الواقعة في روما. كل هذا يذكرنا بإحداث الإنجيلي (مت 1:2-2).

365-Kopia-2 شرح لأيقونات الميلاد+ تظهر في أعلى الأيقونة, على شكل نصف كرة آتية من العلاء من لدن الرب لكي تقف فوق مكان ولادة الطفل. أما ذنبها الساطع إلى الأسفل بهيئة حمامة لكي يرمز إلى الروح القدس الذي يشير ويدل على موقع الحدث.

+ يمكننا أن نستنتج من كتاب سيرة القديسين (السنكسار) والطقوس الليتورجية بعض أفكار الآباء حول النجمة ومنها:

** إن النجمة لم تكن كسائر النجوم, بل بلا شك أنها قوة إلهية أو ملاك اخذ شكل نجمة لكي يتلاءم مع إدراك المجوس.

** وهذه النجمة كانت تتحرك بحركة عشوائية ونورها اسطع من الشمس.

** نراها متحركة ساعة هنا أو ساعة هناك, من أقصى شمال بلاد الفرس تنطلق إلى أقصى جنوب أورشليم.

** تتجلى بوضوح أمام المجوس.

** تقترب أكثر فأكثر من اجل أن تسطع بوضوح وتدل على مكان المغارة حيث يضجع السيد.

** أشياء كثيرة عن النجمة لم يكن يعرفوها ولكن في النهاية استطاع المجوس أن يعثروا على موضع المغارة وأن يسجدوا ممجدين شمس العدل.  

Coptic-Paten-and-Dome شرح لأيقونات الميلاد** نلاحظ في الكنائس الأرثوذكسية عموماً أن الكاهن عندما يهيئ الذبيحة على المذبح قبل بداية القداس الإلهي, في النهاية يضع أقواس معدنية فوق صينية القرابين لكي تشابه مغارة بيت لحم وداخل الأقواس في الوسط معلق نجمة على هيئة صليب. هذه النجمة تدعونا إلى تناول جسد الخلاص كما دلت النجمة المجوس إلى المغارة.

** كما أن النجمة ترمزُ إلى نور المسيح المتجسد. ففي رسم النجمة إشارة بليغة للتنازل العجيب والكبير للإله وتجسده .

** إن شعاع من النجم يشير إلى المغارة, ويتوسط النجم بين المغارة وغيمة في السماء, إنه الحضور الإلهي.

سادساً: الملائكة:

ايقونة-الميلاد-Kopia-3 شرح لأيقونات الميلاد+ للملائكة مهمة هامة تاريخيةً فهم يخبرون الرعاة بالبشارة ويرشدون المجوس كيلا يعودوا الى هيرودس .

+ لا شك أن في أيقونة الميلاد حضور دائم للملائكة، متفوهين بهيئات مختلفة، وبأعداد مختلفة كثيرة. فالبعض منهم متجه نحو السماء، وواحد منهم متجه نحو الرعيان نحو الرعيان مبشرا عن ولادة الطفل الإلهي, قائلا: “لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ. أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. (لو 10:2-11).

365-Kopia-3 شرح لأيقونات الميلاد+ لذلك نجد هناك دور هام للملائكة في السماء وعلى الأرض لأنهم يخدمون البشر حسب وصايا ومشيئة الله، وفي ذات الوقت يخدمون الله بحماية ورعاية البشر. لذا فالملائكة هم المرنمون. الذي يرمز وجودهم إلى حضور الله الفعال بين الناس على أن لا تعيقه قساوة القلوب وظلمة الضمائر.

سابعاً: المجوس:

+ إن حضور المجوس في الأيقونة، يتوافق ما كُتب في إنجيل (مت 2:1-12) أي أن المجوس جاءوا من بعيد لعبادة الطفل.

ايقونة-الميلاد-1 شرح لأيقونات الميلاد+ رقم المجوس ثلاثة: يصوّرون ممتطين الأحصنة صاعدين من على يمين جبل المغارة يشرون إلى مكان ظهور نجم المشارق الذي أرشدهم إلى مكان المغارة.

+ المجوس = يرسمون كثلاثة مع أن الكتاب لم يذكر عددهم لكن هذا بحسب عدد هداياهم، وأيضا فرقم (3) يشير للقيامة ولأن المجوس أشاروا بسجودهم للطفل يسوع بإيمان الأمم (المجوس رمز لكل الأمم), ولذا فرقم (3) يشير إلى انتقالهم من الموت إلى الحياة بقيامة السيد.

+ أما بالنسبة لملابسهم فهم يرتدون زياً فارسياً. فالنجمة وكما أشرنا أعلاه كانت تسطع من أقصى شمال بلاد الفرس وتنطلق إلى أقصى جنوب أورشليم، ما يؤكد أنهم كانوا آتين من بلاد فارس.

+ حسب آباء الكنيسة إن المجوس هم باكورة العبادين المخلصين، أي أنهم أول المؤمنين وهم أول من بشر الشعوب الوثنية في بلاد بابل بولادة المسيح. لذا فالمجوس يمثلون حقيقة عودة شعوب الأرض الوثنية كمؤمنين عابدين الإله الحقيقي.

08_0-Kopia شرح لأيقونات الميلاد+ كما إن المجوس يمثلون فئة المتعلمين والأغنياء الحكماء الذين بحثوا عن السيد, فقادهم نجم المشرق إليه, ليقدموا هداياهم إليه كدليل راسخ بإنه لا قيمة للمال والغنى والسلطة إن لم تقود المؤمن إلى المسيح مخلص نفوسنا وأجسادنا من الهلاك فهو ملك الملوك وسيد الأرباب والسلاطين.

+ المجوس يمثلون العالم الوثني, فهم بلباسهم ككهنة للدين الفارسي, وحملهم وتقديمهم لهداياهم وعطاياهم يؤكد خلاصهم حيث إنهم قبلوا ذلك بل بحثوا عن الملك الحقيقي. ليؤكدوا بذلك بأن الخلاص لم ينحصر في شعب إسرائيل وحسب, بل إن كلمة الله بحسب غناها قد خلصت الجميع لكل من يقبل إليها باحثاً عن نصيبه.

+ لذا يذكر الإنجيل: إن خاصته لم تعرفه, فقد أستهانوا به ورزلوه. أما هؤلاء المجوس قد بحثوا عنه وبعد مسيرة طويلة أتوا إليه ساجدين مؤمنين به كإله وملك, فبالرغم من أنهم وثنيون فقد فهموا وعرفوا حقيقة من سجدوا له, لذا فقد آتوا إليه مستعدين ساعين عاملين وراء إيمانهم به.
the_magi_henry_siddons_mowbray_1915-zkq72e2-Kopia شرح لأيقونات الميلاد(1) هدية الذهب: ترمز إلى الملك المسيح وملكيته علي كل شعوب الارض بما فيهم العالم الوثني المتمثل بالمجوس كهنة فارس. فهو بالحق ملك كل الدهور.

ــ كما أن الذهب يرمز للحكمة كما يشهد سليمان: (بأن الحكمة) كنز مشتهى في فم البار (أم 21: 20 الترجمة السبعينيّة)

(2) هدية البخور أو اللبان: قُدمت للمسيح لأنه الإله الحقيقي, كما إنها ذات معنى أثباتي عميق حينما تقدم من كهنة العالم الوثني, لتؤكد بأن المسيح هو الكاهن الحقيقي لكل الخليقة, الذي ينبغي له السجود بالروح والحق.

ــ كما أن البخور الذي يُحرق أمام الله يرمز أيضاً لقوة الصلاة كقول المزمور: “لتستقم صلاتي كالبخور قدامك (مز 141: 2)

(3) هدية المر: قُدمت له لأنه الإنسان الحقيقي لذا فهي تحمل معاني الإنسانية الحقيقية, لترمز ببلاغة إلى آلام المسيح الخلاصية, موت المسيح ودفنه وقيامته, ليهب بموته المحي الحياة لكل من يؤمن به. فالمرّ يرمز لإماتة أجسادنا، حيث تقول الكنيسة المقدّسة لعامليها الذين يعملون فيما لله حتى الموت: “يداي تقطران مراً (نش 5:5).

+ وبهذه الطريقة البسيطة والبليغة في ذات الوقت, قد أعترف المجوس الثلاثة بأن المولود من العذراء هو الملك والإله والإنسان. وفي معاني الهدايا يذكر القديس نيقوديموس الآثوسي: “تقديم الذهب يشير إلى معرفة الله الذي حصل عليها المجوس, واللبان إلي طاعتهم, وأخيراً المر إلى محبتهم.

+ يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: (لم يقدّموا غنماً ولا عجول، بل بالأحرى قدّموا الأمور التي تقترب بهم إلى قلب الكنيسة، إذ جاءوا إليه ببداءة التقدمة: معرفة وحكمة وحباً.)

+ ويقول القديس غريغوريوس الكبير: (يقدّم الذهب كجزية الملك، ويقدّم البخور تقدمة لله، ويستخدم المرّ في تحنيط أجساد الموتى.)

+ لهذا أعلن المجوس بعطاياهم السرّيّة الذين يسجدون له بالذهب أنه الملك، و بالبخور أنه الله، وبالمرّ أنه يقبل الموت … قائلين: (لنُقدّم للرب المولود الجديد ذهباً، فنعترف أنه يملك في كل موضع، ولنقدّم له البخور إذ نؤمن أنه الله ظهر في الزمان، مع أنه قبل كل زمان. و لنقدّم له المرّ، مؤمنين أنه وإن كان في لاهوته غير قابل للألم، فقد صار قابلاً للموت في جسده الذي أخذه من العذراء مريم.)
+ إننا نقدّم للملك الجديد الذهب، إن كنّا في عينيّه نضيء بنور الحكمة السماويّة، ونقدّم له بخوراً إن كنّا نحرق أفكار الجسد على مذبح قلوبنا، فنرفع لله اشتياقاتنا السماويّة رائحة طيّبة. ونقدّم له المرّ عندما نُميت بالنسك الواعي للحق شرور (شهوات) الجسد، فنقول إنه بالمرّ نحفظ الجسد الميّت من الفساد، كما نقول عن الجسد بأنه فسد متى غلبته الخلاعة، إذ قيل بالنبي، “تعفّنت الحيوانات في روثها”. الحيوانات التي تهلك في روثها تُشير إلى الجسدانيّين الذي يختمون حياتهم وسط غباوة شهواتهم. إذن فلنقدّم لله مراً لحماية أجسادنا المائتة من فساد الخلاعة و يحفظ في الطهارة.

ثامناً: الرعاة:

scan0024-Kopia شرح لأيقونات الميلاد+ ثلاث رعاة اثنان واقفان وآخر يعزف, وإن أجواء حضور الرعاة في أيقونة الميلاد تذكرنا بل تجعلنا في مواجهة مباشرة مع المسيح الراعي الحقيقي الذي خرجَ من نسل الملك داود, الملك الذي وُلدَ راعياً لكل شعوب الأرض.

betlem-1024x640-Kopia شرح لأيقونات الميلاد+ كما أن الرعاة يمثّلون فئة الفقراء وبسطاء التعليم كونهم أفقر طبقات الشعب في تلك الأيام. ليؤكد بأن إيمان المسيح مختلف عن إيمان العقل والحكماء بفلسفات العالم الباطلة. حيث أن المسيح جاء ليضم فقراء العالم وبسطائه إليه كمخلص محب لصنعة يديه.

+ الرعاة يصغون إلى البشارة الجديدة من الملائكة بميلاد الملك الحقيقي خالق الخليقة الذي جاء لتجديدها, لذا أحد الرعاة يعزف على الناي كإشارة للتسبحة الملائكية أبتهاجاً ببشارة الخلاص.

تاسعاً: الحيوانات:

tumblr_inline_nf3yuvr2Qe1qkqzlv-Kopia شرح لأيقونات الميلاد** الثور = إن الثور هو رمز الشعب اليهودي حسب الناموس, فاليهود قد سبق أنقيادهم لله ولناموسه. اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيَهُ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ، أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ. (أش 3:1). كما إنه يشير أيضاً بحسب الأنجيل إلى المسيح الذبيح. 

** الحمار = وسيلة النقل البري الأساسية لدى عامّة الناس. وهو أيضاً رمز الصبر وأحتمال المشقات في سبيل الإيمان وفي خدمة المخلّص. وقد أتى يوسف النجار بالحمار لتركب العذراء عليه. أما وجود الحمار في أيقونة الميلاد فيشير بكل وضوح للشعب الوثني الخاطئ, فالأمم الوثنية رازحة تحت حمل خطاياها دون أن تفهم, اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيَهُ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ …… شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ. (أش 3:1).

** الثور والحمار = يشير لدعوة الخلاص التي للجميع, لذا فوجودهما معاً في أيقونة الميلاد هو إشارة مؤكدة بأن الأمم واليهود مدعوون للخلاص. وهذا ما قد ذكره القديس غريغوريوس النصيصي بأن: (الثور إشارة إلى اليهود المرتبطين بالناموس, والحمار إشارة إلى الأمم الرازحين تحت وطأة عبادة الأوثان.)

12210_131009607056795_867523876_n-Kopia شرح لأيقونات الميلاد** الخراف = إشارة للنفوس التي تنتظر الراعي الحقيقي. لذلك نجدها في الرسم تقترب من يسوع كأنها تعلن عن فرحتها بقدومه وقبولها له. 

** البقرة = وهي رمزُ الغذاء الماديّ الّذي لا بدّ منه للإنسان، لا ليعيش من أجله وإنما ليساعده ليعيش ويتمكن من خدمة الإله الحقيقي، وقد رُمزَ بالبقرة في أيقونة الميلاد لأنها تقوم بتدفئة المسيح في برد الشتاء القارص.

** الاغنام = وسيلة للغذاء والتدفئة. وترمز بشكلٍ خاص إلى الوحدة الضرورية في جماعة المؤمنين، التي تحافظ على دفء الإيمان في قلوبهم.

عاشراً: المغارة:

betlem-1024x640 شرح لأيقونات الميلاد+ الطفل في داخل المغارة كما أن جسد الخلاص داخل الكأس.

+ والدة الإله هي هيكل التضحية الذي حمل الطفل.

+ تمثل المغارة بأكملها الكنيسة حسب كتابات القديس غريغوروس النزينزي.

+ المسيح أتى لكي يُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ. (أف 16:2).

+ لم يذكر لوقا البشير المغارة بل المذود فقط, لكن التقليد المعتمد في أورشليم اعتبر إحدى المغائر التي كانت تستعمل كاسطبل حيوانات كمكان لولادة المسيح وعلى أساسه شيّدت كنيسة المهد في بيت لحم.

14712451210 شرح لأيقونات الميلاد+ إن أيقونة الميلاد معروفة لكل شعوب الأرض لأنها مرتبة بأسلوب تسجيلي صادق بتاريخ أحداثها الحقيقية. وينطبق هذا الأسلوب أيضا على مغارة الميلاد في التقليد الغربي التي تشاد في البيوت قبل عيد الميلاد.

أما المغارة كما نعرفها اليوم، فيعود الفضل في إطلاقها إلى القديس فرنسيس الأسيزي أبان القرن الثالث عشر الّذي قام بتجسيد أول مغارة حيّة (أي فيها كائنات حيّة) في عيد الميلاد سنة 1223م في قرية كريشو القريبة من بلدة مار فرنسيس الاسيزي في ايطاليا, وانتشرت بعدها بسرعة عادة تشييد المغائر الرمزيّة في كل بلاد الغرب وأصبحت من العادات الشعبية.

+ أما عن العناصر الأساسية التي تشملها المغارة الرمزية اليوم فهي كما ذكرناها سابقاً, ويمكن أن يضاف إليها عناصر أخرى جديدة وفقاً للبيئة المحلية وتوافر عناصرها في حياة المجتمع لتمثل تمثيلاً حقيقياً لحياة الناس. على أن تأخذ بعين الاعتبار أمرين هامين:

(1) الانسجام مع معاني الفقر والبساطة المتجسدة في المغارة.

(2) الهدف الأساسي من المغارة ليس الزينة والديكور وإنما اجتماع العائلة حولها للصلاة في زمن عيد ميلاد المخلص لنفوسنا.

 حادي عشر: القرية:

+ في الواقع لوقا هو الإنجيليّ الوحيد الذي ذكر مكان ميلاد المسيح وصَعِدَ يوسُفُ مِنَ الجَليلِ مِنْ مدينةِ النـاصِرَةِ إلى اليهوديَّةِ إلى بَيتَ لَحمَ مدينةِ داودَ، لأنَّهُ كانَ مِنْ بَيتِ داودَ وعشيرتِهِ، ليكتَتِبَ معَ مَريمَ خَطيبَتِهِ، وكانَت حُبلى. وبَينَما هُما في بَيتَ لَحمَ، جاءَ وَقتُها لِتَلِدَ، فولَدَتِ اَبنَها البِكرَ وقَمَّطَتْهُ وأضجَعَتهُ في مِذْودٍ، لأنَّهُ كانَ لا مَحَلَ لهُما في الفُندُقِ. (لوقا 2 : 4-7).

+ حسب الأيقونة التقليدية للميلاد، نجد أن قرية الميلاد: (جبالا، وديان، أدغال، معلف، حيوانات، أشجار) كل هذه المخلوقات الأرضية المصورة، هي جوهر أساسي لنعمة معرفة الحقيقة, وإدراك أن الله يعظم الإنسان ليخلقه على صورته ناقلا شبهه. كل هذه الكائنات الحية المنغمسة في حياتنا الأرضية. ها إن الخلاص يقترب فعلا منها، فالبتول تلد أبن الله أنسانا في بيت لحم, وسط ممثلين حقيقين عن كل الخليقة.

+ إن صلاة العيد تدعونا باستمرار أن نطّلع على هذه الأمور الحياتية بابتهاج وورع فرحين.

+ بيت لحم تتهلل، وصهيون ترنم مبتهجة تعلن مسبقا الفرح. النجمة تقفز مبشرة بميلاد المسيح. المغارة تتهيأ لكي تستقبل الآتي إلى العالم لكي يكون خلاصاً لكل الخليقة بحسب مشيئته الحسنة.

ثاني عشر: خلفية الأيقونة المصنوعة من الذهب:

9125273_1450944294 شرح لأيقونات الميلاد+ الذهب هو عنصر مميز قائم في جميع الأيقونات القديمة تقريباً. ترمز الخلفية المذهبة بحسب راسمي الأيقونات الى السموات. إلا إن وجود الذهب في الأيقونات يعكس أيضاً ليُظهر لنا تهيئة الكرة الأرضية لتكون مسكناً وموطئاً لقدمي الله. وها هي الأرض تتجدد بميلاد المخلص المعبر عنه بالغطاء الذهبي, فحقاً قد رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا. (رؤ 1:21).

+ الذهب يمثل نور ملكوت السموات، مسكن القديسين, ليظهر لنا مجد الآب السماوي بأكمله. فهو يكشف عن سر هذا النور العظيم.وَالْمَدِينَةُ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الشَّمْسِ وَلاَ إِلَى الْقَمَرِ لِيُضِيئَا فِيهَا، لأَنَّ مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا. (رؤ 23:21).

+ يمثل الذهب في كافة الأيقونات الأرثوذكسية نور العالم. إذاً الخلفية المذهبة هي حدث تاريخ الميلاد السماوي السري. من خلال الذهب يستطيع الرسام أن يعبر بمهارة معينة عن الأبعاد الظاهرة ما بين الأرض وما وراء الطبيعة.

الميلاد شرح لأيقونات الميلاد

icon_nativity شرح لأيقونات الميلاد

2016-635872852389422287-942 شرح لأيقونات الميلاد

la_nativite_ شرح لأيقونات الميلاد

Nativity_1 شرح لأيقونات الميلاد

cop2 شرح لأيقونات الميلاد

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed