×

أرثوذكسى لا غش فیه (1) – أبونا داود لمعي

أرثوذكسى لا غش فیه (1) – أبونا داود لمعي

أرثوذكسى لا غش فیه
أبونا داود لمعي

الأرثوذكسى الحقیقى.. ھو تلمیذ للكتاب المقدس والكنیسة الأرثوذكسیة وفكر الآباء وسیر القدیسین.

والتلمذة سمة حقیقیة لكل مسیحى صادق .. وكل مَن كان یؤمن ویعتمد فى الكنیسة الأولى ـ كما ھو واضح سفر الأعمال ـ كان یُدعى تلمیذاً.

? + فَاذْھَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِیعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوھُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ (مت ١٩ : ٢٨)
? + وَكَانَ فِي دِمَشْقَ تِلْمِیذٌ اسْمُھُ حَنَانِیَّا فَقَالَ لَھُ الرَّبُّ فِي رُؤْیَا: «یَا حَنَانِیَّا». فَقَالَ: «ھَأَنَذَا یَا رَبُّ» (اع ٩ : ١٠)
? + فَحَدَثَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعًا غَفِيرًا. وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً. (اع ١١ : ٢٦)

والتلمذة الأرثوذكسية تتسم بعده قواعد:

? أولاً: عارفين ممن تعلمت…
    ؛————————–☆

? الأرثوذكسى الحقیقى .. یتعلـَّم على ید قدیسي الكنیسة وأبرارھا ..
فلا یقبل تعلیماً غریباً ولا یُعطى أذنه لمعلم من خارج الكنیسة.
? + “وَأَمَّا انْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَیْقَنْتَ، عَارِفاً مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ (٢تي ٣ : ١٤)

⛔ یوجد كثیرون یستمعون لعظات من كل ناحیة، وقد تخلو من الفكر والمنھج الأرثوذكسى .. من یعظ ویُعلـِّم ھو متأثر حتماً بعقیدة كنیس ته وإیمان طائفته ویفسر الإنجیل طبقاً لتعالیم تسلـّمھا، فمَن تسلـَّم أن المعمودیة لیست سراً لابد أن یھمل المعمودیة ویعتبرھا مجرد علامة.

? ثانياً: الأرثوذكسي تلميذ دائماً:
    ؛——————————-☆

ھناك تیارات غیر أرثوذكسیة تجعل من الإنسان مُعلـِّماً فى زمن قصیر .. وتجعله یشعر إنه لا یُخطئ ولن یھلك .. ولا یحتاج أن یعلمه أحد .. ویترك التلمذة لأنه قد صار مُعلـِّماً. أما الكتاب المقدس فیقول:
? أعطانى السید الرب لسان المتعلمین (أش٥٠: ٤)
لم یقل لسان المُعلمین .. بل المُتعلمین فیظل المُعلـِّم مُتعلـِّماً طوال حیاته.

لذلك یكمل أشعیاء قوله:
? السَّیِّدُ الرَّبُّ فَتَحَ لِي أُذُناً وَأَنَا لَمْ أُعَانِدْ. إِلَى الْوَرَاءِ لَمْ أَرْتَدَّ (أش ٥٠ :٥ ) لابد أن تسمع كالمتعلمین قبل أن تتكلم!!

? ولابد أن تظل تلمیذاً لئلا تنحرف كمعلم.. ولھذا یوصى معلمنا یعقوب قائلاً:
? لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِینَ كَثِیرِینَ یَا إِخْوَتِي، عَالِمِینَ أَنَّنَا نَأْخُذُ دَیْنُونَةً أَعْظَمَ! (یع١:٣)
حیاة المسیحى الأرثوذكسى ھى تلمذة دائمة.. فھو یفرح بجلسة الإعتراف مھما تقدم روحیاً إذ یتتلمذ على أبیه الروحى ..

ویفرح بكل عظة یسمع فیھا صوت الروح القدس .. ویجلس تحت قدمى المسیح فى خلوة مع الكتاب المقدس وفكر الآباء .. ویعشق سیر القدیسین الذین عاشوا الكتاب المقدس كما قصده الروح القدس ..

ویتتلمذ فى كل قداس على حیاة التوبة والقداسة .. ویظل دائماً جائعاً عطشاناً لكل تعلیم مستقیم
? طُوبَى لِلْجِیَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ لأَنَّھُمْ یُشْبَعُونَ (مت ٥ : ٦)

بعدما صار تیموثاوس أسقفاً كتب إلیه أبوه الروحى ومعلمه بولس الرسول قائلاً:
? وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُھُودٍ كَثِیرِینَ، اوْدِعْهُ انَاساً امَنَاءَ، یَكُونُونَ اكْفَاءً انْ یُعَلِّمُوا اخَرِینَ ایْضاً (٢تي ٢ : ٢)

وبنفس المنھج یُكمل قائلاً..
? وَأَمَّا انْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِیمِي، وَسِیرَتِي، وَقَصْدِي، وَإِیمَانِي، وَأَنَاتِي، وَمَحَبَّتِي، وَصَبْرِي، وَاضْطِھَادَاتِي، وَآلاَمِي، مِثْلَ مَا اصَابَنِي فِي انْطَاكِیَةَ وَإِیقُونِیَّةَ وَلِسْتِرَةَ. ایَّةَ اضْطِھَادَاتٍ احْتَمَلْتُ! وَمِنَ الْجَمِیعِ انْقَذَنِي الرَّبُّ (٢تي ٣ : ١٠ـ ١١)

ولما كان یوحنا الحبیب منفیاً فى جزیرة بطمس ورأى رؤیاه العظیمة أرسل إلى تلامیذه أساقفة الكنائس السبعة بما یقوله المسیح لھم لیستمروا فى التوبة والتلمذة والنمو .. فالتلمذة تبدأ ولا تنتھى إلا بدخول السماء، فالكنیسة ھى أیضاً مدرسة نظل كلنا فیھا تلامیذ كما قیل عنھا:
? وَكُلَّ بَنِیكِ تَلاَمِیذَ الرَّبِّ وَسَلاَمَ بَنِیكِ كَثِیراً (اش١٣:٥٤).

? ثالثاً: التلميذ الأرثوذكسي … يقبل الطاعة ويحب الخضوع:
     ؛———————————————————-☆

من سمات التلمیذ الأرثوذكسى .. أن الطاعة ـ عنده ـ منھجاً للحیاة ..
لأنه یخاف من ذاته .. ویخاف على أبدیته .. ویخاف من خداع إبلیس ..
? وَلَكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّه كَمَا خَدَعَتِ الْحَیَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِھَا، ھَكَذَا تُفْسَدُ أَذْھَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِیحِ (٢كو ١١ : ٣)،
ولھذا الخوف المقدس یحتمى فى الطاعة.

? والطاعة ھى العلاج لكل انحراف وتقویم لكل اعوجاج .. وقدیماً قال:
یوحنا الدرجى .. إذبح الكبریاء بسكین الطاعة ..
وقال بولس الرسول:
? لاَ یَخْدَعَنَّ أَحَدٌ نَفْسَهُ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ یَظُنُّ أَنَّهُ حَكِیمٌ بَیْنَكُمْ فِي ھَذَا الدَّھْرِ فَلْیَصِرْ جَاھِلاً لِكَيْ یَصِیرَ حَكِیماً! (١كو ٣ : ١٨).

لھذا نجد حرص كل مسیحى أرثوذكسى على الخضوع لأبیه
الروحى والكنیسة المستقیمة حتى لو لم یقتنع تماماً بكل شئ.. لأنه یثق فى حكمة أبیه كطبیبه الروحى المسئول عن شفائه، ویثق فى تعلیم الكنیسة كأمه
التى تخاف على خلاصه وتعرف جیداً الطریق، ولا یثق فى نفسه أمام حیل إبلیس ومؤامراته.

حدث أن أخطأ بطرس الرسول ـ مرة ـ أثناء زیارته لأنطاكیة إذ وقع فى ریاء أصحاب بدعة التھوُّد على حساب المسیحیین من أصل أممى ..
ولكن معلمنا بولس عاتبه ووبخه ُ..
? وَلَكِنْ لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِیَةَ قَاوَمْتُهُ مُواجَھَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُوماً (غل ٢ : ١١)
ولم نسمع أن معلمنا بطرس رفض اللوم أو المواجھة أو أصرَّ على موقفه .. مع إنه فى نفس الرسالة یذكر بولس الرسول إنه عرض إنجیله على المعتبرین أعمدة (غل ٢: ٢) ومنھم بطرس الرسول .. وھكذا یظھر الخضوع المتبادل والتواضع الحقیقى للتلامیذ الرسل.

? رابعاً: الأرثوذكسي تلميذ للإنجيل والكنيسة:
    ؛——————————————–☆

ھناك من ینادى ویقول نحن تلامیذ الإنجیل فقط.. وھذا القول على ما یبدو علیه من تمسُّك بالإنجیل لكنه یخفى فى طیَّاته عدم الرغبة فى الخضوع للكنیسة التى أسسھا المسیح نفسه على أساس الرسل والأنبیاء.

? مَبْنِیِّینَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِیَاءِ، وَیَسُوعُ الْمَسِیحُ نَفْسُه حَجَرُ الزَّاوِیَةِ” (اف ٢ : ٢٠).

?وھل الكنیسة تُعلـّم غیر ما یُعلـّم الإنجیل؟ ھذا ما یتھموننا به لكن فى الحقیقة الكنیسة ھى التى أفرزت الإنجیل بالروح القدس الساكن فیھا.. فكنیسة العھد الجدید تأسست یوم العنصرة.. ونمت وظلت سنوات لا تملك إنجیلاً مكتوباً.. وأولاد الكنیسة آباؤنا الرسل ھم الذین كتبوا العھد الجدید.
? لأَنَّه لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِیئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّه الْقِدِّیسُونَ مَسُوقِینَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. (١بط٢: ٢١)

فكما خرج الكتاب المقدس من الكنیسة المقدسة الجامعة الرسولیة.. ھكذا لا یستطیع أحد أن یفھم الإنجیل صحیحاً خارج الكنیسة.
فالكنیسة تشرح لنا الكتاب شرحاً دقیقاً كما قصده الروح القدس وإختبره الآباء القدیسین وأقرته المجامع المسكونیة عبر العصور.

ولھذا فإن التلمیذ الحقیقى الأرثوذكسى بلا غش.. یخضع للإنجیل الذى تشرحه الكنیسة.. ولا یعرف إنجیلاً آخر.. یشرحه الذین ھم من خارج الكنیسة. ولا تتعجب من كلمة (إنجیل آخر) ..
فقد قالھا بولس الرسول..
? إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ ھَكَذَا سَرِیعاً عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِیحِ إِلَى (إِنْجِیلٍ آخَر)َ. لَیْسَ ھُوَ آخَرَ، غَیْرَ أَنَّهُ یُوجَدُ قَوْمٌ یُزْعِجُونَكُمْ وَیُرِیدُونَ أَنْ یُحَوِّلُوا إِنْجِیلَ الْمَسِیحِ وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَیْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْیَكُنْ «أَنَاثِیمَا». كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَیْضاً: إِنْ كَانَ أَحَدٌ یُبَشِّرُكُمْ بِغَیْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْیَكُنْ «أَنَاثِیمَا» (غل ١ : ٦ ـ ٩)

فكما یخضع الأرثوذكسى للكتاب المقدس یخضع لأسرار الكنیسة التى علـَّمھا الكتاب.. وطقس الكنیسة النابع من روح الكتاب.. وتقلید الكنیسة الذى یتواءم مع الكتاب المقدس.. وإلا صار (أناثیما) أى.. محروماً.

? خامساً: التلميذ الأرثوذكسي متمسك وليس متعصب:
 ؛—————————————————–☆

ما أسھل أن یُتھم كل أرثوذكسى بالتعصب كى یتخلـَّى عن إیمانه وتمسكه.. ولكن الأرثوذكسى الحقیقى.. یحب كنیسته وعقیدته.. وینمو فیھا.. ویتمسَّك بھا لأنھا طریقة للحیاة الأبدیة.. ولا یعرف غیرھا طریقاً.

? تَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِیحِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي، فِي الإِیمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِیحِ یَسُوعَ (٢تي ١ : ١٣)
وھذا التمسُّك ینبع من قلب متواضع.. یحترم الكل.. ویحب الكل..
ولكنه لا یتنازل فى الإیمان.. بل یدعو الكل لعقیدته وكنیسته بفھم ووعى وإدراك.

ھذا التمسُّك لیس عن جھل وسطحیة وإنما عن فھم..
? افْھَمْ مَا اقُولُ. فَلْیُعْطِكَ الرَّبُّ فَھْماً فِي كُلِّ شَيْءٍ (٢تى ٢ : ٧)،
فیستطیع بسھولة أن یدافع عن إیمانه، بل ویجذب الآخرین إلى جمال الأرثوذكسیة.

التعصب ھو مرض روحى وكسر لوصیة المحبة.. أما التمسُّك فھو فضیلة من بنات الإیمان.. وھو أساس النمو الروحى والقداسة والإستشھاد.

ولو لم یتمسّك آباؤنا بما استلموه لضاع الإیمان المستقیم وسط أمواج الھرطقات والبدع والمحاولات الشیطانیة عبر العصور.. ولِما وصل لنا ھذا الإیمان نقیاً بغیر شائبة.?

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed